يظن الكثير ان اصحاب البسطات في مختلف الاسواق الشعبية وغير الشعبية اتخذوا من مترين او ثلاثة من الشارع او الزقاق في السوق بسطة ليكسبوا رزقهم منها، دون الاضطرار الى استئجار محل او دفع الايجار والرسوم الاخرى، لكن واقع الحال يظهر اسرارا كثيرة في عمل هؤلاء، منها ان الكثير منهم اضطر في وقت من الاوقات الى بيع داره او سيارته ليشتري بسطة يطلب الرزق منها، وان اسعارها وصلت الى عشرات الالاف من الدولارات، وان جميع اصحاب المحال يؤجرون المساحة المقابلة لمحلاتهم، بل ويفتتحون بسطات اخرى في الاسواق.
قبل (2003)
يسرد عامر السراي (صاحب بسطة) في سوق بغداد الجديدة الابرز بين باقي الاسواق بالتسوق لوكالة نون الخبرية ان" البسطات في السوق قديمة وكانت موجودة منذ زمن النظام المباد، ولكنها مختصرة على المساحة الموجودة امام المحال التجارية وكل صاحب محل يستغلها لصالحه لعرض بضائعه، ثم تحولت الى استثمار من قبل اصحاب المحال وقاموا ببيعها الى اشخاص يبحوث عن العمل على بسطة لانهم لا يستطيعون شراء محل تجاري ويظن الكثيرين ان اصحاب البسطات يجلسون في الشارع بدون اجور، ولكن الحقيقة ان اصحاب المحال التجارية اما يأخذون اجرا شهريا من اصحاب البسطات او يبيعونها اليهم بطريقة غير رسمية بدون مكاتبة او توقيع عقد وتختصر على حضور بعض المعارف ليكونوا شهودا على عملية البيع، وتتراوح اسعار البسطات قبل العام (2003) بين (10 ــ 12) مليون دينار بالنقود التي كان يطبعها النظام المباد، وبعدها اختلف الحال كثيرا، حيث اتسعت المساحات التي تشغلها البسطالت وامتدت في كل الشوارع والازقة في السوق واصبحت اسعارها مختلفة".
ارتفاع الاسعار
ويكمل السراي حديثه بالقول ان" المساحات زادت حيث كانت البسطات منتشرة على يمين السوق ويساره وبينهما ممر، ثم انتشرت بكثرة في كل شوارع وازقة السوق، وكثرت اعداد البسطات وتحولت اسعارها الى الدولار الاميركي بدل الدينار العراقي، واصبح بيع وشراء البسطات "شبه رسمي" وتباع باسعار مرتفعة، لان الحركة الاقتصادية في البيع والشراء من البسطات قوية جدا، ووصل الامر الى قيام الكثير ببيع دورهم لشراء بسطة في سوق بغداد الجديدة، او بيع سياراتهم او مخشلات زوجاتهم، لوجود فرصة لتحقيق الارباح وتحسين الاحوال المعيشية، وصارت بالنتيجة البسطة بمساحتها المكونة من مترين مربعين او اربع او ستة امتار هي رأس المال المدخر، بعيدا عن رأس المال الخاص بالبضاعة التي يبيعها، ووصل سعر البسطة بين (40 ــ50) الف دولار، وتتعدى احيانا لتصل الى (60 ــ 70) الف دولار وتباع البسطة بحساب مساحتها بالمتر المربع الواحد ووصل سعر المتر الواحد في بعض السنوات الى (18 ــ20) الف دولار، وفي السنوات الماضية كان من الصعب الحصول على بسطة في سوق بغداد الجديدة، لان التجارة رائجة والحركة الاقتصادية متصاعدة".
تقلب السوق
يشارك حسين ابو علي (صاحب بسطة) بالحديث ويقول لوكالة نون الخبرية ان" السوق يشهد بين مدة واخرى تقلبات في حركة البيع والشراء وحاليا ومنذ عام كامل تقريبا اختلف السوق وبات يعاني من الركود وقلة الشراء وكثرة العرض وقلة الارباح ، لذلك ترى الكثير من البسطات معروضة للبيع ولكن عمليات الشراء شحيحة، وبالرغم من بقاء اسعار البسطات على حالها الا ان الامر اصبح عكسيا الآن حيث يبيع الشخص بسطته ليشتري دارا أو يفتتح مشروعا تجاريا، او يعرضها للايجار وتتراوح ايجارات البسطات بين (400 ــ 700) الف دينار شهريا للبسطة الواحدة، وتصل الى مليون دينار اذا كانت مساحة البسطة كبيرة وسعر شرائها كبير ليصبح لديهم مورد شهري ثابت ويحتفظون برأس مال البسطة الذي اشتروها به، ويصل عدد البسطات بالمئات في سوق بغداد الجديدة الذي يعد ابرز الاسواق الشعبية في العاصمة بغداد، ولكي يحافظوا على تجارتهم قام اغلب اصحاب المحال التجارية في السوق بشراء بسطة واحدة او استغلال المساحة امام محلهم وشراء عدد من البسطات الاخرى، لان تصريف البضائع من خلال البسطات صار اسرع واكثر وارخص من المحال التجارية لان المتعارف عليه ان بضائع البسطات تسمى شعبية سريعة البيع، وبضائع المحال تسمى (ستندر) اي ماركات تجارية وتباع ببطئ".
رسوم دون خدمات
ويتابع ابو مهند كلامه بالقول ان" المجلس البلدي او دائرة البلدية يأتون لاستيفاء مبالغ يسمونها ضريبة او خدمات تنظيف من كل المحال والبسطات، ويستوفون مبلغ (400) الف دينار سنويا حسب وصولات يقطعونها، مع العلم ان خدمات النظافة داخل السوق مفقودة بالكامل ويقوم اصحاب المحال والبسطات باستئجار عمال خاصين ليقوموا بالتنظيف ونجمع الاموال فيما بيننا لنسددها لعمال التنظيف ومن يمتنع عن دفع الرسوم تقوم البلدية باغلاق المحل او وضع قطعة كونكريت (صبة) امام باب محله لمنع المتسوقين من قصده، ولا يوجد لديهم اي دور في السوق سواء تنظيمي او اشراف او اي عمل آخر، والجباية تعد مبالغها خيالية لانها تجبى من مئات البسطات ومثلها من المحال التجارية، ومن يريد ان يدفع مبلغ الرسوم كاملا يحصل على وصل التسديد، وهناك آخرون يتفقون بالباطن على دفع نصف المبلغ اي (200) الف دينار بدون وصل ويذهب المبغ الى جيوب المستفيدين منهم".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- وسط دمار مدينة النبطية :مساعدات العتبة الحسينية الطبية والغذائية تصل مستشفى نبيه بري الحكومي(فيديو)