ما يزال قانون النفط والغاز يمثل "عقدة" عصية على الحل بين بغداد وأربيل، على الرغم من إدراج تشريعه ضمن اتفاق تشكيل الحكومة الحالية، حيث بلغت الخلافات ذروتها في المرحلة القائمة مع بدء عمل اللجنة المشتركة لكتابة مسودة القانون.
وفيما أطلق الحزب الديمقراطي الكردستاني، اتهامات ضد قوى في الإطار التنسيقي، بتعمد عرقلتها تمرير القانون، نفى الأخير تلك الاتهامات، وأكد سعيه لإقرار القانون، شريطة أن يكون منصفا لجميع المحافظات، وسط تحذيرات من فرض إرادات سياسية على القانون.
ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، إن "هناك تسويفا في قضية تمرير قانون النفط والغاز، الذي كان من ضمن أولويات الاتفاق السياسي على تشكيل حكومة السوداني، لكن تأخر تشريع القانون بشكل كبير".
ويضيف كريم، أن "هناك خلافات فنية وقانونية على مسودة القانون، داخل اللجان الحكومية المختصة المشتركة، فحتى الآن الاجتماعات مستمرة ما بين وفود حكومة الإقليم وكذلك الحكومة المركزية، لغرض الإسراع بإنجاز القانون".
ويردف أن "القانون عطل طيلة السنوات الماضية، بسبب معارضة بعض الأطراف السياسية الشيعية، وهذه القوى ما زالت حتى اللحظة تريد عرقلة تشريع هذا القانون رغم أهميته في تنظيم العلاقة النفطية والمالية ما بين المركز والاقليم".
وشكلت الحكومة في آب الماضي لجنة لوضع مسودة لقانون النفط والغاز وعرضها على الحكومة، لغرض التصويت عليها ومن ثم تمريرها لمجلس النواب، حيث ضمت اللجنة كلا من وزير النفط ووزير الموارد الطبيعية في إقليم كردستان ومدير عام شركة "سومو"، والكادر المتقدم في وزارة النفط الاتحادية، فضلا عن المحافظات المنتجة كالبصرة وذي قار وميسان وكركوك.
ومنذ سنوات، لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، لكن السوداني كشف مؤخرا، عن التوصل إلى اتفاق مع أربيل حول هذه النقاط، إلى جانب تضمين منهاجه الوزاري حسم هذه البنود، وأبرزها تشريع قانون النفط والغاز وتنفيذ المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها.
وأصدرت المحكمة الاتحادية، في منتصف شباط 2022، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.
وإلى جانب قرار المحكمة الاتحادية، أصدرت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، قرارها في 24 من شهر آذار الماضي، بالقضية التي رفعها العراق ضد تركيا منذ العام 2014، بشأن صادرات نفط إقليم كردستان، التي تمررها تركيا عبر خط ميناء جيهان، حيث جاء القرار لصالح العراق، ووفقا للقرار، فقد توقف ضخ النفط من الإقليم مباشرة، كما أن تركيا أبلغت العراق بأنها لن تسمح للشحنات التي تحمل الخام من إقليم كردستان العراق بمغادرة ميناء جيهان الساحلي دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد.
ومنذ صدور قرار محكمة باريس، توقف ضخ النفط، حتى أعلن سفير العراق لدى أنقرة ماجد اللجماوي، يوم الخميس (5 تشرين الاول 2023)، أن تركيا وافقت على استئناف تصدير النفط من أنبوب النفط العراقيّ- التركيّ.
من جهته، يبين رئيس كتلة بدر النيابية المنضوية في الإطار التنسيقي مهدي تقي، أن "هناك اتفاق على تشريع قانون النفط والغاز، وهذا ورد ضمن اتفاق قوى ائتلاف إدارة الدولة، لما له من أهمية في تنظيم العلاقة ما بين بغداد وأربيل، والكل ملتزم بهذا الاتفاق".
ويضيف تقي، أن "مسودة قانون النفط والغاز، ما زالت قيد الانشاء والمناقشة ما بين اللجان الفنية والقانونية من قبل حكومة المركز وحكومة الإقليم، وحتى اللحظة المسودة ما زالت لدى الجهات الحكومية، ولم تصل إلى مجلس النواب لغرض الإطلاع عليها".
ويلفت إلى أنه "بعد وصول مسودة قانون النفط والغاز، ستتم دراستها والعمل على جعله قانونا يوزع الثروات بشكل عادل ومنصف ما بين كل المحافظات العراقية، ولن نسمح بتمرير أي قانون يميز ما بين محافظة ومحافظة، وهذا الامر غير قابل للمساومة".
وينص قانون النفط والغاز في العراق، الذي ينتظر التشريع في البرلمان منذ عام 2005، على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مناطة بشركة وطنية للنفط، ويشرف عليها مجلس اتحادي متخصص بهذا الموضوع.
ووفقا لتحليل نشرته وزارة النفط العام الماضي، فإن العوائد المالية لحكومة الإقليم تشكل بنسبة لا تزيد عن 80 في المئة كمعدل بعد استقطاع كلف الإنتاج (كلفة إنتاج برميل النفط)، بينما تشكل العوائد المالية لجولة التراخيص الأولى والثانية التي أقامتها بغداد من 94.5 في المئة إلى 96.5 في المئة، وأن كلفة الإنتاج تعادل 4 أضعاف كلف الإنتاج في جولات التراخيص لوزارة النفط الاتحادية، ومن جانب أخر، وقعت حكومة الإقليم على نفسها من خلال عقود المشاركة بالإنتاج التزاما تعاقديا بإعفاء المقاولين من الضرائب وسمحت لهم بتضخيم أرباحهم دون فرض أي نوع من أنواع الضرائب أو مشاركتهم تلك الأرباح المتضخمة وخصوصا عند أتفاع أسعار النفط عالميا.
وبحسب وزارة النفط الاتحادية، فإن الإقليم لم يلتزم بالحصص المخصصة للعراق بموجب اتفاقيات "أوبك" مما انعكس سلبا على الكميات النفطية المخصصة للعراق من حقول الوسط والجنوب، وبالتالي أنعكس سلبا على العوائد المالية للحكومة الاتحادية، رغم تحمل أعبائها بتأمين رواتب أبناء شعبها في الإقليم.
إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن النفطي حمزة الجواهري، أن "قانون النفط والغاز معطل منذ عام 2011، والمعرقل الأساس لهذا القانون هي حكومة إقليم كردستان، فهي ترفض تشريعه، حتى تبقى تتلاعب بالنفط دون أي رقابة أو محاسبة".
ويؤكد الجواهري، أن "تشريع قانون النفط والغاز مرتبط بالاتفاقات السياسية، وليس بقضايا فنية أو قانونية، لذلك تبقى الاتفاقات السياسية هي من تحسمه، لكن حتى الآن بحسب كل المعطيات لا يوجد اتفاق نهائي على تمريره"، مبينا أن "حكومة إقليم كردستان تريد فرض ارادتها على مسودة قانون النفط والغاز، حتى يسمح لها في التلاعب بثروات العراق، وهذا ما يجب رفضه، ويكون القانون وفق الأطر القانونية والدستورية، لا وفق الأهواء السياسية".
جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول من العام الماضي، شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف العزم من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرين الأول الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية