بقلم: علي حسين
في الأيام الماضية طغت أخبار فلسطين ومعارك اهلها من اجل حقوقهم المشروعة، على أخبار بلاد الرافدين، رغم أن بعض الفضائيات "حماها الله" لا تزال مشغولة بتحركات قادة تحرير العراق من الفساد، فقد اكتشفنا أن معظم ساستنا ومسؤولينا يشتكون من المحاصصة والطائفية وتوغل الفساد في مؤسسات الدولة ونهب المال العام، وأتمنى عليهم أن يقدموا مذكرة إلى الإنتربول للقبض على الشعب العراقي بتهمة نهب المال العام وبيع المناصب ونشر الكراهية.
لم أكن أتصور أن بعض المسؤولين يسعى لتحويل السخرية إلى واقع على الأرض، ثم يتعامل معها بمنتهى الجدية، ويريد منا أن نصدق أن ما جرى خلال الأعوام الماضية كان خارج إرادة القوى السياسية.
في الأيام الماضية عشنا مع مهرجانات من الكوميديا السياسية العراقية، وبالتأكيد أبرزها استجواب وزيرة الاتصالات، والمعركة التي دارت بين الوزيرة والنائبة حنان الفتلاوي وما تسرب من هذا الاستجواب من نكات ربما لايصدقها المواطن العراقي، من هذه النكات التي تحولت إلى حقائق هو قرار السيدة الوزيرة بتعيين عدد من أشقائها وأقاربها في مكتبها الخاص بالوزارة وبررت السبب بأن هذا التعيين جاء لحمايتها من الاحتكاك بالغرباء وأن الأمر أشبه بما يسمى "محرم شرعي"، طبعاً الوزيرة في أحاديثها التلفزيونية قالت إن الاستجواب كان الهدف منه حماية الفاسدين.
في كل معركة برلمانية عليك عزيزي المواطن أن تسأل: من المستفيد؟ وهل هذه المعركة من أجل خدمة المواطن؟ أترك الإجابات لجناب النواب الأفاضل.
يذكر المؤرخ العراقي الشهير عبد الرزاق الحسني أن "توفيق السويدي" والذي تولى منصب رئيس الوزراء، أراد تعيين شقيقه "عارف السويدي" رئيساً لمحكمة التمييز خلفاً للقاضي الإنكليزي "بريشارد" فلم يوافق مجلس الوزراء على طلبه بسبب الشكوك التي تحوم حول استقامة شقيقه حيث خشي المجلس من الغاية التي قد يجتمع الشقيقان من أجلها.
هل تريد الكثير من أخبار الديمقراطية العراقية؟، إليك الجديد: أعدت الحكومة مشكورة قائمة بسفراء جدد، لكن البرلمان والكتل السياسية لديهم رأي آخر في الموضوع، حيث يؤمن برلماننا "العتيد" أن ابن النائب الفلاني وشقيق النائب العلاني وجيران رئيس البرلمان وصديق القائد السياسي، وأقارب حملة لواء الإصلاح، كل هذه الكفاءات سيحصلون على حصتهم من الكيكة بعد أن يتم تعيينهم سفراء.
هذه "الكفاءات" بالتأكيد ستحول سفاراتنا إلى ملتقيات سياسية وفكرية تشرح للعالم كيف استطعنا أن ندحر الإمبريالية في عقر دارها، وأن نتفوق في الصناعة والعلوم والتعليم والصحة على بلاد السيدة أنجيلا ميركل التي قدمت استقالتها من منصب المستشار واعتزلت السياسة لأن حزبها خسر في مدينة صغيرة، وكيف بإمكاننا أن نصدر طاقات مثل علي الدباغ وعتاب الدوري.