مع انتهاء المهلة التي منحتها طهران إلى بغداد بشأن تحييد ونزع سلاح مناوئيها الكرد الذين يتخذون من إقليم كردستان العراق، مقرا لهم، يسارع وزير الخارجية فؤاد حسين لزيارة العاصمة الإيرانية اليوم لإيجاد حل جديد، إذ يؤكد مراقبون أن هدف الزيارة سيتمحور حول طلب مهلة أخرى؛ لأن بغداد تعجز حتى الآن عن إقناع المعارضة الإيرانية برؤيتها ضد التصعيد، فيما لم يستبعد مقرب من الإطار التنسيقي أن تلجأ إيران للمعالجة العسكرية إذا لم يف العراق بالتزاماته تجاهها.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن "التسارع العراقي نحو زيارة طهران، هو ترجمة لوعود أطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال زيارته إلى ايران، خصوصاً أن هذه الزيارة جاءت بعد الهجمات الصاروخية العنيفة على إقليم كردستان وتهديد إيران باجتياح الإقليم، لاسيما المناطق التي تتواجد فيها الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة".
ويبين الشمري، أن "حراك العراق يأتي بحسب المهلة التي منحت لحكومة السوداني من قبل طهران، لإنهاء ملف الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، بأي طريقة تحد من نشاط هذه الأحزاب تجاه تهديد الأمن القومي الإيراني، ولذا فإن حكومة السوداني مجبرة في ظل عدم القدرة على إقناع هذه الأحزاب برؤيتها، أن تدفع لمحاولة أخذ مهلة جديدة من قبل طهران، فحتى الآن لم يتم الإعلان عن قبول المعارضة الإيرانية بمسار معين".
ويضيف الخبير في الشأن السياسي العراقي، أن "زيارة وزير الخارجية فؤاد حسين، إلى طهران تأتي من أجل إيجاد مهلة إيرانية جديدة، كي تتمكن الحكومة من إيجاد حل لهذا الملف في ظل وجود الضغوطات والتهديدات الإيرانية على بغداد لحسمه بشكل عاجل".
ويجري وزير الخارجية فؤاد حسين، اليوم الأربعاء، زيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران، وخلال مؤتمر صحفي عقده أمس رفقة نظيره النمساوي، توقع حسين عدم لجوء إيران إلى استخدام العنف ضد الجماعات الكردية المعارضة لها والمتواجدة على أراضي إقليم كردستان خاصة بعد تنفيذ أربيل وبغداد للاتفاق المتعلق بهذا الموضوع المبرم مع الحكومة الإيرانية، مشيرا إلى أن مسألة تواجد أحزاب أو تنظيمات للمعارضة الإيرانية في كردستان تعود إلى 50 أو 40 سنة قبل الآن، مردفا بالقول: لدينا موضوعان مع دول الجوار أحدهما يتعلق بالسياسة العراقية التي تستند إلى دستور البلاد الذي لا يسمح لأي مجموعة أو حزب سواء غير عراقي أم عراقي داخل أراضي البلاد بالهجوم على دول الجوار.
من جهته، يرى الخبير في الشأن الأمني مخلد حازم، أن "غموضا يشوب الاتفاق الأمني بين العراق وايران، كما أن هناك صعوبة بقضية تنفيذ الاتفاق فيما يتعلق بتفكيك الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، ولذا فإن إيران صعدت من الموقف، كما أن لديها أهدافا من هذا التصعيد، أولها أن طهران تحاول إيصال رسالة إلى الجانب الأمريكي، بأنها تملك ورقة ويمكن اللعب عليها في مقابل ورقة الجانب الأمريكي، الذي يريد عمل منطقة عزل بين الحدود العراقية والسورية لمنع امتدادات إيران إلى سوريا ولبنان".
ويوضح حازم، أن "هناك مشكلة وهي أن المفاوض العراقي، غير قادر على فرض إرادة واضحة بالرغم من أن العلاقات العراقية- الإيرانية جيدة على مختلف المستويات، لكن إيران تريد أن يكون لها تواجد داخل أراضي إقليم كردستان العراق، وبالتحديد داخل أربيل، لأسباب عدة، ومنها أن إيران تعتبر إقليم كردستان متطورا ورائدا في مجال الطاقة والغاز ومجالات أخرى، وقد يكون بوابة إلى أكراد إيران".
ويضيف أن "هناك تناقضا كبيرا، فالجانب الإيراني يدعم أكراد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وتركيا تدعم أكراد إيران المعارضين، وهذا تناقض طبيعي بين دول تبحث عن مصالحها وتعتبر الساحة العراقية هي ساحة تصفية حسابات، ولذا فإن العراق بحاجة إلى قرار سيادي حقيقي للعراق تجاه إيران وتركيا".
ويتابع أن "إيران تعمل على إضعاف أربيل واستهداف الحزب الديمقراطي الكردستاني، لأنه الوحيد الذي يُعد بعيدا عن الإرادة الإيرانية بشكل كامل"، لافتا إلى أن "الديمقراطي يمكن أن يتعاطى مع تركيا لكن لا يتعاطى مع إيران، مثل ما تريد الأخيرة التي تملك أذرعا سياسية في بغداد لكنها تفتقر إليها في أربيل".
وكان رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أمهل الحكومة العراقية حتى أيلول الحالي، لنزع أسلحة الأحزاب الكردية الإيرانية المناوئة لطهران، مهدداً بتصعيد العمليات العسكرية ضد إقليم كردستان العراق في حال "لم تفِ بغداد بالتزاماتها بشأن المسلحين" في المناطق الشمالية.
وفي آذار الماضي، وقع العراق وإيران محضراً أمنياً بشأن ضبط الحدود في إقليم كردستان، وتؤكد طهران أن بغداد التزمت بنزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، التي تتخذ منذ سنوات من جبال كردستان مقراً لها.
في المقابل، يشير المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، إلى أن "المتابع للعلاقات العراقية الإيرانية مع قدوم السوداني، يلاحظ أن هناك جدية كبيرة لتفعيل الاتفاقيات المبرمة ما بين الطرفين وأولى تلك الاتفاقيات كانت الاتفاقية الأمنية".
ويبين فضل الله، أن "هناك تحسنا كبيرا على مستوى ضبط الحدود العراقية الإيرانية وإبعاد المجاميع المسلحة الكردية الإيرانية المعارضة وذلك بالتنسيق ما بين الحكومة الاتحادية والحزبين الكرديين الحاكمين في إقليم كردستان من جهة وما بين الحكومة العراقية الإيرانية من جهة أخرى".
ويضيف أن "الجانب العراقي جاد بقضية تفكيك المجاميع المسلحة الكردية الإيرانية المعارضة، ولذا فإن إيران أعطت فسحة للعراق من أجل تطبيق الاتفاق الأمني، حتى لا يكون هناك أي حلول عسكرية"، لافتا إلى أن "طهران جادة بقضية المعالجة العسكرية إذا لم يحقق العراق التزامه بتطبيق الاتفاق الأمني، على اعتبار أن هناك تهديدا كبيرا للأمن القومي الإيراني، ولذا فإن بغداد تمارس ضغطا كبيرا لإبعاد المجاميع المسلحة الكردية الإيرانية المعارضة وتفكيكها بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان".
وكانت طهران أعلنت في أيلول 2022، مسؤوليتها عن ضربات قواعد للمعارضة الكردية الإيرانية في العراق، وخلفت 13 قتيلا على الأقل.
ودانت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على السواء القصف الإيراني، الذي نفذته عشرون طائرة مسيرة تحملُ مواد متفجرة، وطال أربع مناطق في إقليم كردستان العراق. من جهتها، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيانا نددت فيه بالضربات، قالت فيه: نستنكر هذه الأشكال من الاعتداءات المستمرة على أراضينا، والتي يقع بسببها ضحايا مدنيون، ويجب وقف هذه الاعتداءات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)