بقلم: علي حسين
قال لي أحد الزملاء؛ لماذا أنت متشائم ونحن على أبواب انتخابات لمجالس المحافظات ربما تحل لهذا الشعب التغيير الذي نادى به شهداء تشرين؟ قلت له؛ أنا "متشائل" على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألّا أحترس بكلامي، وأنا أوجه خطابي للعديد من الساسة الذين يعتبرون الاقتراب من قلاعهم جريمة ومؤامرة على العراق.
منذ سنوات وبالتحديد منذ عام 2003 والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والانتخابات النزيهة والوجوه التي ستملأ البرلمان خيراً، والمقاعد التي ستبتعد عن الطائفية، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات والمهرجانات الخطابية، لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال ثمانية عشر عاماً عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح، بل إنقاذ العراق، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله السادة المسؤولون الأفاضل، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ البعض منهم سيخلع "معطف" الطائفية، ويرتدي ثوب رجل الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على أحزابنا التي تخوض معركة كسر العظم من أجل الامتيازات أن تخبرنا ماذا ستختار: السعي إلى المستقبل أو الإصرار على التبرّك بالماضي، نظام سياسي يعتمد على الكفاءة والنزاهة أم نظام يصفّق للمحسوبية والانتهازية؟
هذه الأسئلة وغيرها تشغل بال معظم العراقيين، وهي تطرح في كل حوار بين اثنين من العراقيين. للأسف الجميع ينسى أنّ صناعة الفشل لا تقلّ خطراً على العراق من صناعة الإرهاب، الثانية تضرب في الدولة على أمل إسقاطها بالقاضية، لكنّ الأولى تجعلها تتآكل من الداخل حتى يجد المواطن نفسه أمام مؤسسات حكومية عاجزة عن الوفاء بأيّ التزام، لأنّ التزامها الوحيد هو للطائفة والعشيرة وليس للمواطن.
منذ سنوات وبدافع "التباهي" بالمعرفة، صدّعت رؤوسكم بدولة عربية احتلت مكانا متميزا بين بلدان العالم واعني بها دولة الامارات العربية، وكان بعض القرّاء الأعزاء يهزّون أيديهم بالتأكيد كلما حاول "جنابي" ان يتحدث عن الحكم الرشيد، يقولون: لقد أضجرتنا بأحاديثك العجيبة عن الامارات ومشاريعها ورفاهية شعبها، وعن إصرار حكامها على تحويل جميع مواطنيهم إلى الرفاهية الاجتماعية.
ياسادة هذا ما يفترض أن نكتب عنه. رفاهية الانسان التي هي اهم دعائم الحكم، إلا اذا كانت المفاخرة بالفشل وغياب العدل الاجتماعي والشعارات هي النموذج الحقيقي لادارة بلاد الرافدين.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!