لم يكن بمقدور غالبية العوائل التي تعاني من أزمة سكن في محافظة بابل، أن تشتري وحدة سكنية ضمن المجمعات التي أنشأت في المحافظة منذ العام 2010 وحتى اليوم، بسبب أسعارها المرتفعة التي لم يقو على تأمينها سوى ميسوري الحال، لتبقى أزمة السكن تتعمق، ما يضطر العوائل الفقيرة إلى السكن في العشوائيات، رغم افتقارها للخدمات بشكل كامل بسبب رخص أثمانها.
ويقول رئيس هيئة استثمار بابل محمد زكم، إن "المحافظة شهدت فقط إنشاء 6 مجمعات سكنية منذ عام 2010 عن طريق هيئة الاستثمار، 4 منها في ناحية أبي غرق بحكم وجود أراضٍ استثمارية فيها".
ويضيف زكم، أن "جميع هذه المجمعات نفذتها شركات محلية بطريقة البناء الأفقي باستثناء مجمع سكني واحد في مدينة الحلة نفذ بطريقة البناء العمودي"، لافتا إلى أن "غالبية العوائل البابلية تفضل المجمعات الأفقية على العمودية التي تعتبر متداخلة فيما بينها".
ويؤكد أن "الهيئة لديها الكثير من الفرص الاستثمارية في مجال السكن لكنها تواجه صعوبات في منح الموافقات بالنسبة للأراضي اللازمة من قبل الجهات المالكة للأرض، ما يدفع المستثمرين إلى العزوف عن العمل".
ويصل عدد الوحدات السكنية المنفذة في ناحية أبي غرق غربي محافظة بابل إلى 2400 وحدة سكنية بينما تشغلها عائلات من خارج الناحية، دون أن يتمكن الأهالي في الناحية من الاستفادة من تلك الوحدات السكنية بسبب غلاء الأسعار.
يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تعرف محليا باسم "الحواسم"، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية.
وخلال السنوات الماضية، برزت ظاهرة أخرى، وهي تحويل البساتين والمزارع إلى أراض سكنية، حيث أقدم أصحاب هذه المزارع على تقسيم أراضيهم لمساحات مختلفة وصغيرة، وعرضت للبيع، ومن ثم بدأت أسعارها ترتفع مؤخرا، بعد أن بدأت بأسعار بخسة.
إلى ذلك، يشير مدير ناحية أبي غرق مصطفى الفتلاوي إلى أن "أهالي الناحية عاجزون عن التقديم على شراء الوحدات السكنية التي شيدت على أراضيها بسبب الأسعار المرتفعة جداً وآلية بيعها المعقدة عن طريق المصارف".
ويتابع، أنه "في ظل أزمة السكن التي تعانيها الناحية كان من الأولى أن تكون الإجراءات مبسطة وأسعار البيع تكون مخفضة وتأخذ بنظر الاعتبار المستوى المعيشي للعوائل في الناحية".
وبحسب إحصاءات مديرية التخطيط العمراني في بابل، فأن عدد وحدات السكن العشوائي تصل إلى 30 ألفاً، تكونت منذ عام 2003 بسبب أزمة السكن وغلاء أسعار العقارات.
يشار إلى أن العراق يعاني من أزمة سكن كبيرة، ووفقا للبيانات الحكومية فأن البلد يحتاج إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية لحل الأزمة، فضلا عن 150 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي لمواكبة التزايد السكاني.
وكان مكتب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن في نيسان الماضي، عن استكمال إنشاء مؤسسات بلديات للمدن الجديدة المستحدثة، وهي بلدية علي الوردي في محافظة بغداد، وبلدية السلام في محافظة النجف، وبلدية المتنبي في محافظة واسط، وبلدية الديوانية الجديدة في محافظة الديوانية، كما أشار إلى أن عملية إتمام نقل ملكية الأراضي من وزارتي المالية والزراعة إلى المؤسّسات البلدية الجديدة جارية حاليا.
وكان مجلس الوزراء، قرر مطلع آذار الماضي، تأليف فريق برئاسة وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، وعضوية كل من وزير البيئة ورئيس هيئة المستشارين، ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وأمين بغداد، ومحافظ المحافظة المعنية، ورئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومدير عام دائرة التنمية الإقليمية في وزارة التخطيط، بهدف التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن الجديدة وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها.
من جانبه، يوضح مدير التخطيط العمراني في المحافظة خالد الصالحي، أن "الحكومة الاتحادية ليس لديها رؤية واضحة بشأن معالجة أزمة السكن في المحافظة ما تسبب بتفاقم الأزمة وظهور المجمعات العشوائية التي التهمت مساحات واسعة من المناطق الخضراء داخل المدن إضافة إلى تجريف الأراضي الزراعية".
ويؤكد الصالحي، أن "الموضوع يجب أن يكون عن طريق الاستثمار حصراً وينظم بآلية تخدم شريحة الفقراء ومحدودي الدخل ليتسنى لهم الاستفادة من المجمعات السكنية "، لافتاً إلى ضرورة أن "تنفذ مشاريع السكن خارج المدن بسبب الاكتظاظ السكاني الذي تعاني منه المدن".
ويبين أن "أزمة السكن يجب أن تعالج عن طريق الاستثمار الذي يتضمن تأمين الخدمات عند إنشاء المجمعات السكنية"، لافتاً إلى أن "المؤسسات الحكومية باتت عاجزة عن تأمين الخدمات للمناطق السكنية التي أنشأت حديثاً سواء الرسمية منها أو العشوائية".
وسجلت محافظة بابل خلال السنوات العشر الأخيرة توزيع أكثر من 8 آلاف قطعة سكنية لمختلف شرائح المجتمع وفق قرارات أصدرتها الحكومات المتعاقبة على إدارة البلاد وهو ما يراه مختصون بأنه خطوة غير مدروسة وزات من مشكلة الاكتظاظ السكاني داخل المحافظة.
يشار إلى أن مجلس الوزراء، قرر توزيع 500 ألف قطعة أرض سكنية للمواطنين، بعد تشكيل الحكومة مباشرة، كما قرر أيضا تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية، وخاصة الأراضي التي شيدت عليها مبانٍ وأصبحت بأمر الواقع مناطق سكنية، لكن القرارت لم تطبق لغاية الان.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- أنجزت خلال أيام.. مشاريع كبيرة لخدمة زوار الأربعين في كربلاء (فيديو)
- سيارة اسعاف وكابسة نفايات وصهريج ماء :العتبة الحسينية تقدم خدمات "ما بعد السكن" في مجمع ايتام البصرة
- تنفيذ متسرع.. من يتحمل أخطاء المشاريع الحكومية؟