- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تدوير الحواف بين الضواحي والأرياف
بقلم: ثامر الهميص
القاذفات واخواتها والرشاشات بانواعها وبنادق ومسدسات كاتمه ومدوية, هل يمكن ان يحتويها عنوان سلاح منفلت؟ نعم هناك سلاح منفلت لدى الحليف الستراتيجي على المستوى الاجتماعي, ولكن لا يشبه تجربتنا ولا يعبئ بها. هذه الظاهرة عراقيا معروفة الاسباب والنتائج تاريخيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. حيث لم ينفعنا الحليف ولا اصحاب الشعارات, الا انفسنا.
فمن خلال التجارب العراقية كان ولازال العامل الاقتصادي والعدالة والتحديث هو الحل. كون هذه البلوى لها ضد نوعي اساس هو التحديث الزراعي طالما كان بانتاجه المواكب للزيادة السكانية كأمن غذائي وكأقتصاد حقيقي, و طالما كان ولازال يشكل هوية وجذورا اجتماعية. اذ الزراعة عموما محور لتاريخ العالم من خلال اديانه حيث جميعها سيما الابراهيمية ظهرت كاديان في مجتمعات زراعية او ذات علاقة مباشرة بصراعاتها.
فالمرشات بنوعيها الثابتة والمتحركة هي الضد النوعي للسلاح المنفلت, الذي لم ولن يحسم بدونها, رغم الرقم الصعب في الموازنة الحالية والسابقات حيث الكلفة الامنية تتصاعد, ولا زالت الحوداث في الضواحي وسلاح يتمأسس ومعترف به من خلال المفاوضات او تسمى المصالحات بين اطراف النزاع برعاية رسمية. هذه بعض افرازات العطش.
فالحلول الامنية مع الايام تتعايش مع الظاهرة بتضخم الجهاز الامني’ والحصاد هو ان الاستثمار ابرز اسبابه هو هشاشة الامن’ اذ هشاشته تبدأ ثقبا صغيرا في الاستثمار لتتطور الى ثقب اسود كما المشاريع المتلكئة, وكلما ازداد التصحر الذي يأكل سنويا 100 الف دونم مع جفاف الاهوار و التملح للتربة, وهجرة للضواحي وفي قاع مجتمعاتها.
عندها تتم عمليات تحجيم للسلاح المنفلت في الضواحي وعلاقة ذلك بالانتخابات والتعبئة العشوائية لها ليتم التخادم بين القبيلة في المدينة والمرشح المتخادم الذائد عن السلاح المنفلت كأمر واقع, وهكذا في الارياف على الاقل في انتخابات مجالس المحافظات.
فالملف المائي لا تحسمه مذكرات التفاهم والزيارات البروتوكولية في الموسم الانتخابي وما بعده’ ما دمنا لا نبدأ من ساحتنا. فالموارد المائية تقول ان 75%من المياة الخام الكلية يستهلكها القطاع الزراعي, وقد اكدت وزارة الصناعة جاهزيتها لانتاج المرشات وبمواصفة شركة فالي الامريكية والتي تستخدم لسقي مساحات 60و 80و120 دونما وبطاقة 1100 مرشة سنويا قابلة للزيادة حسب وجبات العمل, وهذه المرشات عمرها الافتراضي 50 سنة.
هذا النظام له النتائج التالية بالحد الادنى: اولا انه يقلل صرف المياه وحسب طلب دول المنبع ثانيا يزداد الانتاج ونحن نبيع نفط الان لنأكل, ثالثا ان الاستقرار سينتشر بسرعة لتوفير الغذاء والعمل لبطالة الريف وهجرتهم لضواحي المدن حيث العشوائيات بالالاف باسلحتها المخصصة للدكة العشائرية وابتزازاتها على الاقل, وتتراكم كما ينزفها ريف يتراجع عن عنوانه ليصبح ممر ومستقرا للممنوعات.
ينبغي ان لا تكون الحلول عموما تقليدية تديرها بيروقراطية مترهلة ولا من يمثل الفلاح الحالي الذي بات مجرد ذراع سياسي ما دام لا يشكل لوبي برلماني ظاغط, ولا تكون الحلول ترقيعية سيما ابان الموسم بمواعيده, وعادة في الحالات الاستثنائية والخطيره ينبغي ان تكون الحلول ابداعية ومبتكرة فقط لترتفع عن المستنقع وتراجعاته, لنضع حدا لتغول الاستيراد من دولة المنبع الاساسية. فقد اشار مجلس المصدرين الاتراك الى احتلال العراق الموقع الاول من بين البلدان المطلة على الخليج العربي في حجم الصادرات التركية خلال شهر ايار الماضي والتي بلغت 818 مليون دولار وشملت البقوليات والحبوب والبلاستك ومواد البناء والاثاث والبيض والمنسوجات. هذا اضافة للتصحر الذي اكبر ضحاياه البصرة, اذ 75% من اراضيها محرمة نفطيا ليقطفو التلوث والسرطان لتعزيره, لماذا لا نبدأ بمشروع رائد في غرب البصرة وهي صحراء؟ ومن هنا نبدأ.
الم تكن هذه من بديهيات ومستحقات الحال المجحف في عاصمة العراق النفطية وثغرنا الوحيد, وجيراننا يزرعون بذات الشروط البصرية العراقية ليصدروا لنا البان وغير الالبان, اليس افضل حالا من ان نكون ممرا للمخدرات والتهريب الذي يأكلنا اجتماعيا واخلاقيا, سيما وانه مسلحا متواطئ والا كيف نفسر ذلك اذ المصلحة الحقيقية باتت واضحة امام الحاويات ومحتوياتها التي لم تفلت مع الفالتات.
العملية لا تحتاج اقتصادين ولا مستشارين. فأن السياسة الاقتصادية لا تتطلب علماء اقتصادين جيدين كما يقول عالم الاقتصاد (ها جون – تشانغ) في جامعة كامبردج, وذكر ان المعجزة الاقتصادية في شرق اسيا التي تضم وطنه كوريا الجنوبية, قامت على ايدي المحامين والسياسين والمهندسين. ( توم باتلر /الاقتصاد /خلاصة اعظم الكتب /ص5/ 2020). ويشير دانيرودريك استاذ الاقتصاد السياسي في جامعة هارفرد الى ان علماء الاقتصاد ينقسمون الى قبائل مختلفة’ ويميلون الى التشكيك في اراء من لا ينتمي لقبيلتهم والنتيجة هي تفكير القطيع’ والعجز عن رؤية الضغوطات الناشئة التي تتحول الى كوارث واحداث كبرى. ويعد هذا الامر بالغ الاهمية, لان علماء الاقتصاد بمثاية كبار السدنة في الثقافة الراسمالية الذين يتبعهم السياسين بشكل اعمى وقد لا تقتصر اخطائهم في التوقع واهمالهم, على الاقتصاد الحالي, بل قد تمتد الى اجيال تالية ايضا. (نفس المصدر). وهكذا ندفع ثمن الاستشارة في الزمن الخطأ, اضافة الى الاطماع الاقليمية وعدم تصور ستراتيجياتهم الغير معلنة وما ظهر منها لا يغني عمليا, ليفرز لنا مذكرات تفاهم طالما كانت معطلة.
فتدوير الحواف التي بات لها اسنان سياسية واقتصادية وعشائرية’ لم يعد العلاج الامني نافعا في الامد المنظور, ونحن يوميا نسمع ونرى ان الرافدين في نضوب.
فالخطوة الاولى مقدور عليها وهي مكننة الزراعة وهذا شأن سيادي ترغبه حتى دول المنبع وتنصح به مع الامم المتحدة’ نحتاج ان نطبق مقولة (خير البر عاجله), فأسباب التصحر والهجرة ليس الشحة فقط, بل الانفتاح والاغراق اذ لا نسيطر رسميا على اغلب منافذنا السياديه, اذ على الاقل لا تتناسب محصلات الجمارك مع التحويل الخارجي’ اذ بات التهريب والغسيل للاموال شأن معروف كما تخبرنا نزاهاتنا في المحافظات والاقليم والبرلمان.
فعندما تدمر الزراعة من قبل الاغراق السلعي يصبح الانتاج الزراعي غير ذي جدوى. اذن المكننه من خلال المرشات والمكائن وجميع عوامل التحديث تستقر المجتمعات وتحمي نفسها ذاتيا لتقدم ممثليها لبرلمان يشرع لهم كلوبيات فاعلة ضاغظة’ يرافقها رسميا بالتعاون مع الجهات الاجتماعية والدينية في التوسع يوميا بعمل 24 ساعة وبمنافذ محكمة نحول دون نتائج نضوب يسري في مفاصلنا الاقتصادية وامننا الغذائي, لتتلاشى الكيانات والتشكيلات الطفيلية التي تعتاش على مخرجات المأزق الذي اهملناه, حتى من علاج وقائي رغم صفارات انذار مبكرة تسمع من وراء الحدود, فتدوير الحواف ليس امرا امنيا وحسب بل مسالة مصير بلد ومستقبل اجيال.