بقلم: علي حسين
منذ أن أعلن مجلس النواب عن العرض المسرحي "الموازنة"، والمواطن العراقي يشاهد كل يوم القنوات الفضائية وهي تستضيف نواب وخبراء ومحللين والجميع يحاول أن يقول للعراقيين إنه وحده سيحرر الموازنة، ونجدهم يملؤون السموات والأرض بتصريحات عن الإصلاح والتغيير، ناسين ومتناسين أن الذين يتم إفقارهم وضياع مستقبلهم هم الذين أجلسوهم على كراسي برلمان، وهم أيضا أصحاب الفضل الأول في العملية السياسية التي يتم المتاجرىة بها كل يوم.
وفيما يتابع العالم الاتفاقات الاقتصادية التي تقيمها بلدان العالم فيما بينها، نتابع نحن في بلاد الرافدين فصول "ديمقراطية" شعارها "عفا الله عما سلف"، ففي لفتة "كرم حاتمي" قرر البرلمان العراقي إطفاء السلف التي بذمة الكثير من السياسيين والمقاولين وحيتان الفساد والبعض من الذين لا نعرف من هم؟ والتي تبلغ قيمتها ما يقارب المئة مليار دولار عداً ونقداً، فما حاجة العراق إلى هذه المليارات ونحن نعيش أزهى عصور التنمية والتقدم؟.. ماذا تريد أن تعرف عزيزي المواطن؟.. الصناعة صفر والتنمية في خبر كان.
لقد دفعني الصراع المستمر على الموازنة بين الحكومة ومجلس النواب إلى مراجعة قانون المجلس ومعه الدستور، لأجد أن في المادة 62 من الدستور تقول بوضوح: يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لإقراره.
ثانياً: لمجلس النواب إجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة "فقط لا غير".
شاهدنا جميعاً فصل "نحباني للو" الذي جرى داخل قبة البرلمان.
في كل مناسبة يُطل فيها أحد المسؤولين على العراقيين، سواء عبر خطاب أو بيان، نجده حريصاً على أن يعد الناس وعوداً لبناء مجتمع سليم ومتطور، ولكنه في الخفاء ينسج لمجتمع الفساد.
الناس تعرف جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو "الصراع على المنافع"، ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد؛ هل الحديث اليومي عن الموازنة يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من المسؤولين ؟، فبدلاً من أن يكون سعي النواب إلى أن يكون العراق تاريخاً من الاستقرار والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة، مرة في الحديث عن أخطاء الدستور ومرة في الحديث عن أخطاء الدستور، ومرات عدة في السعي إلى إقصاء الآخرين بكل وسائل الاجتثاث.
الموازنة العراقية التي تعاني من عجز بعشرات المليارات والشعب الذي مئات الآلاف منه يعيشون قرب خط الفقر، وجد البرلمان الحل وهو في بعث الأمل في نفوس الذين سرقوا الاخضر واليابس.