بقلم: علي حسين
إذا كُنتَ لا تزال لديك هواية مشاهدة الفضائيات، سوف تلاحظ أنّ المعركة بين مشعان الجبوري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي تطورت بعد أن خرج علينا السيد مشعان قبل أيام قليلة ليعلن أن الحلبوسي ستتم إقالته من رئاسة البرلمان بعد إقرار الموازنة، وأن تحالفه مع خميس الخنجر سيعيد العملية السياسية إلى سكة الصواب.
في كل ظهور تلفزيوني يطالبنا السيد مشعان بأن ننسى ما قاله قبل أعوام قليلة وكان ابرزها عندما اتهم خميس الخنجر بانه يتحمل مسؤولية ما تعرض له السنة وأن الرجل "قجقجي، مهرب" والقجقجي يقول مشعان "له منظومة سلوك مختلفة" ولهذا كان مشعان يعتقد قبل عامين بأن خميس الخنجر يتعامل مع السياسة بطريقة القجقجية –والكلام لمشعان بالتأكيد–، فما الذي تغير اليوم حتى يخرج مشعان الجبوري ليقول إن ربان سفينة السنة هو الشيخ خميس الخنجر وعندما يُذكّره مقدم البرنامج بحديث "القجقجية" يسخر السيد مشعان الجبوري ليقول بكل أريحية "شنو قجقجي؟ يعني مهرب، والكل اليوم تشتغل بالتهريب" ولم يكتف بذلك بل اعتبر القجقجي والحرامي فخراً لقومه وعشيرته فـ"الناس كانت تكتب غزلا عن الحرامي".
في كل ظهور تلفزيوني يذكرنا السيد مشعان الجبوري بأنه مناضل ومقاوم، وأن قناته الرأي التي كانت تعطي دروساً في صنع العبوات الناسفة هي التي أخرجت الأمريكان من عقر دار الرافدين.
في هذا المكان كتبت أنني معجب بالسيد مشعان الجبوري صاحب حزب "الوطن" خصوصاً وهو يجلس في الاستديو يتشنّج كالعادة، ويصرخ: "جميعنا نتحمل المسؤولية، جميعنا أخذنا رشاوى، جميعنا نضحك على الناس، جميعنا زورنا شهاداتنا"، لكنه للأسف ينسى أن يقول عبارة مهمة "جميعنا متقلبين".
في معظم حواراته التلفزيونية يعطي مشعان شيئاً من أريحيّته ويمنحنا نحن المشاهدين الكثير من الابتسام، فهو لا يحضر إلى الفضائيات إلاّ وقنبلة إعلاميّة يُخبّئها في جيب سترته، وهذه الأيام كانت قنبلة إقالة محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان.
فيلم "القجقجية" لم ينته بعد لأنه أظهر لنا أن أنصار دولة الفشل أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول، وأن مفهوم السيطرة على البلاد والعباد، سيكون بديلاً لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في إقصاء محمد الحلبوسي وتنصيب خميس الخنجر، والمهم أن البعض يريد لنا أن نعيش عصر استعراض العضلات.
للأسف يتعرّض المواطن العراقي، في هذه الأيام إلى عدد من المحن أبرزها الدولار المتفلب الذي أوهمتنا الحكومة بأنه لن يرفع رأسه من جديد، وأن الدينار سينتصر بالضربة القاضية، فإذا بالمواطن يضرب كفاً بكف، وهو يشهد قفزات الدولار التي لا تختلف عن قفزات السيد مشعان الجبوري.