يبدو أن وعيد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدائرة السيطرة المركزية لوزارة الكهرباء بعدم قطع الطاقة مع بداية ونهاية كل شهر لم تصمد إلا لشهر واحد، فيما كانت تعهدات الوزارة كانت حبرا على ورق بعد أن رسمت للعراقيين احلاما وردية بصيف بارد خلال العام الحالي.
فمع بداية الصيف بدأت المولدات الاهلية تعمل إيذانا بفقدان الطاقة الكهربائية الوطنية لتبدأ قصة جديدة للوزارة بتبرير الانقطاعات بخفض الغاز المستورد من إيران.
وأعلنت وزارة الكهرباء، في 21 أيار 2023، انحسار إمدادات الغاز المورد من إيران إلى المنطقة الجنوبية لأسباب فنية، منوهة إلى تراجع إنتاج الطاقة في منظومة شبكة الكهرباء الوطنية إلى 1000 ميغاواط.
وتحدث عضو لجنة الطاقة النيابية وليد السهلاني، ان "الإنتاج المتوقع للمنظومة الوطنية خلال الصيف المقبل 22 ألف ميغاواط، فيما الحاجة الفعلية تتجاوز 27 ألف ميغاواط، ما يستوجب من الحكومة تحسين الإنتاج وإيجاد البدائل عن الغاز الذي يشكل عبئاً على الموازنة، كما أن المحطات التي أُنجزت في السنوات الماضية أغلبها محطات غازية تحتاج إلى الغاز".
مواطنون: ندفع فاتورتين للكهرباء
ويقول المواطن حسن مهدي من سكنة الكرادة وسط بغداد، "كنا نعرف مسبقا ان تعهدات وزارة الكهرباء هي غير حقيقية وتهديد رئيس الوزراء لدائرة التوزيع غير نافعة"، مبينا ان "ذلك دفعنا إلى إعطاء صاحب المولدة السعر الذي يطلبه خلال الفترة الماضية بدون تردد لأننا نعرف أن وزارة الكهرباء غير قادرة على إيجاد حل لمشكلة الكهرباء".
ويضيف مهدي أنه "لا يوجد في كل دول العالم أن يقوم المواطن يدفع فاتورتين للكهرباء أحداهما للدولة والأخرى لأصحاب المولدات"، واشار متهكما ان "الدولة تهدد المواطن بقطع الكهرباء الوطنية الغير موجودة اصلا في حال رفض دفع فاتورة الكهرباء الخاصة بها".
فيما يستشهد المواطن احمد نمير بمثل شعبي يقول "رجعت ريمة لعادتها القديمة" وهو يطلق على عدم تغير الحال مهما اختلف شكل الواقع، ويتابع انقطاع الكهرباء في هذا الوقت هي معاناة مستمرة منذ سنين وكل ما يقوله الوزير او المسؤول في وزارة الكهرباء هي كذب حيث ان الفساد المستشري في الوزارة وراء كل هذه الانقطاعات في الكهرباء".
ويؤكد نمير ان "زيارة رئيس الوزراء الاخيرة وتهديد المسؤولين على التوزيع ومن ثم استمرارها لفترة شهر بدون انقطاع يثبت على وجود فساد كبير واتفاقات ما بين التوزيع واصحاب المولدات الاهلية على قطع الكهرباء حتى في أوقات الاعتدال الجو من أجل الاستفادة معتبرا إياها سحتاً تذهب لجيوبهم".
أسباب عديدة تقف وراء انخفاض الطاقة
ويقول الخبير الاقتصادي هلال الطعان، إن "قضية الكهرباء في العراق معقدة لأن هناك العديد من الأسباب تشترك جميعا في قلة الطاقة الكهربائية في العراق اهمها ان معظم خطوط نقل الطاقة في العراق قديمة ومتهالكة مما تسبب في فقدان كميات كبيرة من الكهرباء اثناء تجهيز الطاقة".
وتابع أن "من بين الاسباب الاخرى هو الاعتماد على استيراد الغاز من خارج العراق مما يسبب بصرف مبالغ كبيرة لشراء الغاز في الوقت الذي يقوم العراق بحرق الغاز وعدم الاستفادة منه، كما معظم المحطات الكهربائية قديمة، اضافة الى الفساد الاداري والمالي المستشري في وزارة الكهرباء كما أن العامل الخارجي الدولي سبب آخر لضعف الطاقة الكهربائية وعدم وجود رغبة صادقة لدى المسؤولين لحل موضوع الكهرباء ومعاناة الشعب العراقي".
أزمة تتكرر سنويا
من جانبها تقول الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، ان "الطرف العراقي هو السبب في ازمة الكهرباء الذي يعانيه المواطن، وان الجو في العراق معروف وهي ازمة تتكرر في كل عام"، متسائلة عن "أسباب عدم التحضير المسبق لها وماذا عن التصريحات عن تسديد كافة الأموال للجانب الإيراني عن استيراد الغاز منها كوقود للمحطات ومع تصريحات الأخيرة بإمدادنا بما نحتاجه من غاز لمدة خمس سنوات".
وتابعت أن "الخلل في ذلك هو في التطبيق وفي الجهات التنفيذية المسؤولة عن المتابعة عن الدفع في وقت ما يتم تخصيصه لوزارة الكهرباء وملف الكهرباء بالذات اموال كبيرة ولها اولوية بعملية الدفع فهل يعني ذلك وجود فساد أو تواطؤ او قضية سياسية".
وأشارت سميسم إلى أن "الجهاز التنفيذي العراقي مسؤول تمام المسؤولية امام الناس وامام الجهات العليا عن توفير الكهرباء وعن النقص فيه لاسيما نحن الان ندخل الى الصيف الحقيقي في العراق الذي هو درجات الحرارة تكون فيه لا تطاق"، .
واشارت الى ان "التعاقدات مع الشركات العالمية ومنها سيمنس الالمانية وجنرال اليكتريك الامريكية لغاية الان لا يعرف المواطن ما هي طبيعة هذه التعاقدات ولا يعلن عنها عكس ما حدث في جوالات التراخيص النفطية" مبينة ان "هذه التعاقدات التي حدثت مع هاتين الشركتين لا نعرف ما هي الضوابط فيها وما هو الاتفاق بينها وبين الحكومة بما يتعلق بالكهرباء".
ويعاني العراق من أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار والحروب المتتالية، ويحتج السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء وخاصة في فصل الصيف.
المصدر: شفق نيوز
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟