في بداية صباه صدح صوت مهدي الاموي رادودا بالقصيدة الحسينية ثم تحول الى كتابة القصائد الحسينية وعاصر نخبة كبيرة من فطاحل الشعر الحسيني ورافق اشهرهم كاظم المنظور الكربلائي لسنين طوال وتأثر باسلوبه كثيرا حتى اختط لنفسه خطا شعريا مميزا، وكتب مجلدين من الشعر فيهما اكثر من مئتي قصيدة حسينية، لكن الله اراد له ان تتخلد احدى قصائده وتنفرد عن غيرها فكانت قصيدة (إحنه غير حسين ما عدنه وسيلة... والذنوب هواي كفتها ثجيله...وغداً يبدو لنا سّداً منيعا.... هذهِ آراؤُنا فيهِ جميعا..والذنوب هواي كفتها ثجيله) التي الآن ورغم مرور (47) سنة على قراءتها للمرة الاولى ترددها السن الرواديد وعموم المعزين في العراق وكثير من البلدان الاخرى.
من هو الاموي
يقول نجله عبد الامير الاموي لوكالة نون الخبرية "هو مهدي بن عبد الرزاق بن علوان ابن حمود السلامي ولقب بالاموي نسبة الى كنية اطلقت على احد اجداده، ولد في العام 1926 في محلة باب النجف وتحديدا في دربونة البزارات ودرس في الكتاتيب على يد الشيخ كريم ابو محفوظ وحفظ القرآن الكريم والتحق بالخدمة الحسينية في العام 1940 وارتقى المنبر وعمره (14) عاما، وفي العام 1944 كتب اول قصيدة له وكان حينها يقرأ في مجلس حسيني بجانب الكرخ بعد ان طلب المشاركون في العزاء منه قصيدة للحر بن الرياحي ولعدم وجود شاعر معه جلس وكتب (قصيدة كاصد الجنة بهمة) وقرأها في المجلس، ويتميز بعلاقات اخوية مع الشعراء والرواديد، وكان ملازما لكاظم منظور الكربلائي ونائب له في هيئة الشعراء والرواديد، وتربطه به علاقة نسب، ولقاءاتهم تقريبا يوميا، وكذلك علاقته بحمزة الزغير الذي هو من جيله وتربطه به علاقة اخوية قوية ، وكان يعمل في بداية حياته مع ابيه في بيع السمك، ثم اصبح عطارا وكان صانعا عند حجي حسين ملكه ثم افتتح محلا خاصا له".
قصيدته الخالدة
وعن القصيدة الخالدة المشهورة لها (احنه غير حسين ما عدنه وسيله) اشار نجله ان " هذه القصيدة كتبت في العام 1974 قبل سنة ونصف السنة قبل ان تقرأ على المنبر عام 1976 وقد اخبرني حمزة بشكل شخصي بحادثة حصلت معه تسببت بتأخير قرائها لهذه المدة بأنه يضع القصيدة في جيبه ليقرأها في المجالس التي يحييها ولكنه يبحث عنها في المجلس الحسيني فلا يجدها في جيبه ثم يعود الى البيت ويجدها في جيبه ولثلاث مرات، وكان مقدرا ان تكون آخر قصيدة يقرأها حمزة الزغير قبل وفاته، وقرأت في هيئة حبيب بن مظاهر مقابل المذبح داخل الصحن الحسيني وكان حمزة مريضا جدا وقرأت بدله خمسة ايام، واصر على القراءة رغم صعوبة حركته فاضطررت الى نقله بالسيارة من داره ابنته في شارع السدرة الى باب الزينبية وكان يتكأ علي بسيره وكان الشيخ هادي الكربلائي يعتلي المنبر فقدمه للمعزين بحفاوة واجلس قرب المنبر وكان ابي يجلس بقربه وقرأ قصيدة (احنه غير حسين ما عدنه وسيلة) وهو يتكأ علي وساعدته بالقراءة وقال علنا ( امنيتي ان اقرأ هذه القصيدة واموت بعدها) فقرأ منها اربع ابيات فقط واكملت القصيدة بعده وبعد قليل عاد للقراءة بالطور الكربلائي باسلوب كأنه في ريعان شبابه".
وعن الشعر الملمع والمقصود به ( القصيدة المكتوبة بالعامية والفصحى او بلغتين تسمى ملمع) فكتبه الاموي ونقح عربيتها الفصيحة السيد صدر الدين الشهرستاني، ولديه ديوان من مجلدين احدهما لقصائد اللطم وآخر للكعدة مما بقي من قصائده المكتوبة كونه تعرض الى مضايقات واعتقال من قبل الاجهزة القمعية للنظام المباد لاكثر من مرة وفي احداها احرقت والدتي ما موجود من القصائد وكل مجلد يضم اكثر من (100) قصيدة، ومن قصائده المشهورة (دار الوحي مرجونة) و(هاي دار النوايب عتبوهه) و(يلحبك امسودنه) وقصائد اخرى كثيرة، وكان الرادود حسين التريري خليفة حمزة الزغير وملازما لوالدي وكان يكتب له القصائد ويعطيها له وقرأ له بحدود (35) قصيدة وكنت انا رادود ولا يعطيني القصيدة لانه ملتزم مع الرواديد، وكان يقول كل الرواديد هم اولادي، وكان والدي يعشق قصيدته (صورة التوحيد تحرير العقول...ثورة انسانية فجرها الرسول) التي كتبها عام 1977 وقرأها الرادود حسين التريري في صحن الامام الحسين (عليه السلام) وقرأتها بنفس الوقت في حسينية الآتون بالعباسية الغربية".
اجواء كتابة القصائد
ينفرد وينعزل عند كتابة القصائد هكذا يصف "عبد الامير" حالة والده مهدي الاموي حين كتابة القصائد ويضيف " وفي الصيف كان يجلس في سرداب البيت حتى ان حمزة الزغير كان يأتي لبيتنا ويدخل مباشرة الى السرداب فيجلسا معا ويتحاورا بالشعر والاوزان، اما في الشتاء فيجلس في غرفة لوحدة لكتابة القصيدة وكان يعاني كثيرا عند كتابة القصيدة ويمزق الكثير من الاوراق فسألته مرة عن السبب فاجابني عندما اكتب ارى كاظم المنظور امامي، وهذا من تأثره الكبير بهذا الشاعر كونه كان رادودا يقرأ من شعر المنظور ثم اصبح شاعرا يرافقه، ثم اسس لنفسه مدرسة وانفرد بطريقته،رغم انه عاصر
شعراء كبار مثل الشيخ كريم وكاظم السلامي وسعيد الهر وكاظم البنا وجبار البنا وحجي علي الطيار والشيخ محمد ابو خمرة والشيخ محمد علي السراج ولقاءاتهم مستمرة ولديهم حالة من التعايش الاخوي".
مقبرة الشعر
اصبح لدينا مقبرة للشعر الحسيني بهذه العبارة وصف الاموي ما يجري الان ويتابع بالقول " لان القصيدة سابقا تقرأ عشرات المرات ومن اكثر من رادود والدليل انها الى الآن تطلب وتقرأ على المنابر رغم مرور عقود من الزمن عليها، وهكذا اصبحت خالدة في الذاكرة، والان اصبحت تقرأ مرة واحدة وتهمل، واذا قرأها رادود فلا تقرأ من رادود آخر في حالة من التنافس الشخصي غير المناسب بالرغم من انها عصارة فكر الشاعر، ومن الاسباب هي تغير مزاج الجيل الجديد المختلف عن جيلنا، وما يجري في المجالس الان من اشتراط على الرادود ان تكون القصيدة جديدة، والمشكلة الاكبر ان هناك شعراء منبر فاقدي الحالة العقائدية ويكتبون دون النظر الى اهمية الرموز الدينية في القضية الحسينية بل يخاطبون اهل البيت بصفات وكأنهم اقربائهم وليسوا معصومين مخلصين، وكل الشعراء الكبار في حياتهم وبعد مماتهم قصائدهم مباحة للجميع لقراءتها، اما الآن فأصبحت متاجرة بالقصائد وجباية اموال عليها".
مرضه ووفاته
وعن آخر ايامه ووفاته يقول عنها نجله " اصيب بجلطة واصبح جليس الدار وفي يوم (12) شعبان في العام 2001 وبعد صلاة المغرب توفاه الله في بيته بمنطقة سيف سعد وغسله وكفنه في داره الحاج حسين بن علي المردشور، وانطلقت الجنازة الى جامع النقيب ونقلت الجنازة الى المخيم وكان الجو برده قارص جدا، واطلقت مآذن كربلاء كلها تكبيراتها ودواتها للتشيع، فصار تشييع مهيب ومجلس الفاتحة كبير جدا".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي ــ علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟