- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية الدينية العليا.. كسرت قاعدة تحليلات منظمة المجلس الأطلسي الأمريكية
بقلم: حيدر عاشور
أحياناً تفاجئك أقوال منفلته من كيس شرطي العالم الكبير "أمريكا" التي أحكمت شد وثقاها على كل العراق وشعبه، وهي تطلق نحوه سهاما وحشية من شتى صنوف الإرهاب. تلاحقه من خلال ضخ الخرافات القبيلة البدائية التي لا تعرف الحوار، ولا تجيد الا العزف على طبول الرعب والخوف.
هذا الشرطي المارد ما يزال يلاحق كل شيء في العراق وبإصرار ولا يتركه إلا بعد أن يتأكد إن مصنع الإرهاب الأمريكي قد ملأ تجاويف قلب الشعب العراقي بأكسير الرعب الذي يلون الأعصاب بلونه ويحيل الدم الذي يجري في الشرايين الى سائل من الخوف يتوزع بالقسطاس على جميع أنحاء الجسم، ولم يتراجع الإرهاب منذ انطلاقه محتلا بعض مناطق العراق ليعيث بها فسادا وحرقا وذبحا وتفجيرا.. ولكن لم يصل إلى غاياته المرسومة من أعوان الشرطي "الصهيوامريكي" من النواصب وبعض المنحرفين من أيتام النظام المحترق، وذلك بفضل الحكمة الإلهية التي يمتلكها السيد علي السيستاني.
وكل محاولات الإرهاب المبرمج عالميا تبوء بالفشل. أينما يذهب الإرهاب يواجه رجال المرجعية الدينية العليا من كل الطرق ويضع أبطالها حواجز الدهشة بينها وبينه، ويقفزون فوقهم كأعجب ما يكون.. فزرعت المرجعية غابات من علامات التعجب وجعلت الجميع يجتازها كالحالمين وواهمين بالاجتياز، وبكل ما أوتوا من قوة الفكر والثقافة والاقتصاد، فتلجأ إلى حكمتها "الحوزوية" وتاريخها وارثها الديني المأخوذ من علوم الأنبياء والرسل والأئمة عليهم جميعا السلام.. لتنشره بوجه كل الطغاة فتعمل على تحجيم الإرهاب والقضاء عليه وتنقل بحكمتها الطمأنينة والسكينة الى قلب الشعب. لكن أكسير الخوف الذي قد حل في شرايين الشعب ذات يوم "طائفي داعشي" ظل في الأذهان ولا يفارقها.
لم يبق أمام المرجعية الدينية العليا سوى ملكوت الإعمار الذي شرعت أبوابه من مدينة كربلاء المقدسة ومن ثم انطلق الى كل العراق.. وهي تحمل جهارا عيانا لحظات تمزيق العراق طائفيا. فالذين يعرفون آية الله السيستاني ويعرفون فلسفة المرجعية الدينية في دبلوماسيتها الحوزوية تأكدوا بان مهمة المرجعية التي أولى المرجع الديني الأعلى مسؤوليتها سوف تكلل بالنجاح، وتهدي الشعب العراقي الامن والسلام والوحدة في حب الوطن بعد سنين من التقاتل والحروب الداخلية.
فقيادة عميد السلام العالمي السيد السيستاني رجع العراق فعالا على الساحة العالمية، وبدأ العمل على تحريك عجلة الحلول التي ترضي الجميع، تحت سلطة الدولة الشرعية ومساعدتها في ارساء البنى التحتية لكثير من القطاعات الخدمية والطبية والتعليمية مما جعلها تؤسس الى هوية وطنية جديدة بكل المقاييس الوطنية. وان يكن مشوار الاف ميل يبدأ بخطوة، فقد استطاعت المرجعية الدينية ان تقطع مجموعة من الخطوات في غضون سنين معدودة.
وما أشادتْ منظمة المجلس الأطلسي الأمريكية المعنية بالتحليلات، بالمرجعية الدينية الشيعية في العراق والدور الذي تلعبه في "تحسين أوضاع البلاد" الا نقطة في بحر ما تسعى اليه في المستقبل المنشود الذي تعده للشعب بكل طوائفه ومذاهبه. فالعراق بالنسبة للمرجعية ليس ارضا ومساحة ومقدسات وحدودا وهواء وماء وجزءا من خارطة العالم بل هو اسم وهوية وانتماء هو الماضي والحاضر والمستقبل هو البيت والاسرة والمجتمع وهو موضع الفخر والاعتزاز والكرامة وهو المآثر والتاريخ والمصير هو وطن الرجاء والوطن الامل والوطن الاغلى الذي يليق به المجد كل المجد في كل حين.
فلا عجب لمنظمة مثل المجلس الأطلسي الأمريكية، ان تركز على العلاقة ما بين جهة المرجعية الدينية وجهة بناء العراق.
علاقة اشبه بطرفي الساعة الرملية.. فكما ان الرمل ينزلق في الساعة الرملية من احد الطرفين الى الاخر باستمرار وبدون توقف كذلك خيرات وطاقات وامكانات المرجعية الدينية العليا تنزلق باستمرار تجاه بناء العراق. لكن الذي يحير ويثير الدهشة والعجب ان الانزلاق لا يحدث الا من فوق الى تحت من الطرف الاعلى الى الطرف الاسفل هذا في الساعة الرملية العادية، بينما الذي يحدث في الساعة الواقعية ان رمال المرجعية الدينية العليا لا تنزلق الا الى أعلى. والعالم يرى ان العراق هو الاعلى. فرغم ان العراق هو الاغنى الا انه البناء بثروات المرجعية. وبرغم ان العراق هو الاعلم الا انه يعتمد على علوم المرجعية.
فرمال المرجعية الدينية او ما يطلقون عليها بالحوزة تتجه الى العالمية فهي تنزلق الى فوق خلافا للقوانين الطبيعية كلها.
نقطة ضوء، أن ابرز ما تتميز به المرجعية الدينية العليا هو العمق العلمي والزهد في الدنيا والحكمة، وهذا جعل من المجتمع يرتبط ارتباطاً قوياً بها، ويستجيب سريعاً لما يصدر عنها، ويؤكد تاريخها على انها ومع الظروف القاسية التي مرت بها بقيت صامدة تواصل نشاطها وارتباطها، فقد لعبت دوراً مهما لا على مستوى البناء العقائدي والمذهبي، ومستوى بناء البنى التحتية للوطن.