- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اَللّـهُمَّ وَفِّرْ فيهِ حَظّي مِنْ بَرَكاتِهِ، وَسَهِّلْ سَبيلي إلى خَيْراتِهِ، وَلا تَحْرِمْني قَبُولَ حَسَناتِهِ، يا هادِياً إلى الْحَقِّ الْمُبينِ).
- للعبادات آثاراً معنوية تتركها تلك العبادات على حياة المؤمنين، والصوم أحد تلك العبادات التي له آثار تتركها على حياة الإنسان ومنها:
- أولاُ: وفرة البركات:
(اَللّـهُمَّ وَفِّرْ فيهِ حَظّي مِنْ بَرَكاتِهِ). ومن الواضح جداً أن لهذا الشهر بركات كثيرة وقد جسدتها الروايات فنأخذ قسماً منها مثلاً:
١- العتق من النار: حيث أن شهر رمضان جعله الله عزوجل فرصة ثمينة للعبد بأن يستثمرها ليعتق نفسه من النار، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ اَلْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى اَلْإِيمَانُ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ... وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ اَلْعِقَابِ).
٢- غفران الذنوب: وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (إنّ المؤمن إذا قام ليله ثمّ أصبح صائماً نهاره لم يكتب عليه ذنب، ولم يخط خطوةً إلّا كتب الله له بها حسنة، ولم يتكلّم بكلمة خير إلّا كتب الله له بها حسنة، وإن مات في نهاره صعد بروحه إلى علّيين، وإن عاش حتى يفطر كتبه الله من الأوّابين ). وعن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال: (إنَّ للّه ِِ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ مَلائِكَةً مُوَكَّلينَ بِالصّائِمينَ وَالصّائِماتِ، يَمسَحونَهُم بِأَجنِحَتِهِم، ويُسقِطونَ عَنهُم ذُنوبَهُم. وإنَّ للّه ِِ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ مَلائِكَةً قَد وَكَّلَهُم بِالاِستِغفارِ لِلصّائِمينَ وَالصّائِماتِ، لا يَعلَمُ عَدَدَهُم إلاَّ اللّه ُ عزوجل). فقد ورد عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) إنَّ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله) قالَ: (إنَّ اللّه َ عزوجل وَكَّلَ مَلائِكَتَهُ بِالدُّعاءِ لِلصّائِمينَ).
٣- تباعد الشيطان: عن الامام الصادق( عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) أن أَنَّ النَّبِيَّ (صل الله عليه وآله) قَالَ لِأَصْحَابِهِ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّيْطَانُ مِنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ؟ قَالُوا: بَلَى ، قَالَ (صلى الله عليه وآله): الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ...).
٤- إجابة الدعاء: من بركات هذا الفصل الزمني المهم، هو أن الدعاء مستجاب فيه، فعن النبي (صلى الله عليه وآله): (ودعاؤكم فيه مستجابٌ، فسلوا الله ربكم بنيّات صادقةٍ...).
- ثانياً: خيرات الشهر:
(وسهل لي سبيلي الى خبراته). شهر رمضان شهر يوفر للإنسان طريقاً لكسب الخيرات وتسهيل السبيل إليها، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) - لعلي بن عبد العزيز -: ألا أخبرك بأبواب الخير؟: الصوم جنة). فالحجاب من النار والذي سيكون أقوى الحجب والموانع التي تحجب الإنسان عن مقتضيات دخول النار وهذا اعظم الخير الذي يحصل عليه الإنسان في هذا الشهر العظيم، فمن خيرات هذا الشهر الجزاء الوفير من الله عز وجل لمن حسن خلقه في هذا الشهر فعن النبي (صلى الله عليه وآله): (وَمَنْ كَفَّ فِيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَ مَنْ أَكْرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَ مَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ). فهذا بناء اجتماعي وأخلاقي مع الآخر و مع طبقات اجتماعية كتوقير الكبار و الرحمة للصغار و تكفل الأيتام وإطعام الطعام: (وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنْ عَلَى أَيْتَامِكُمْ ... وَ مَنْ أَكْرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ). فهذه مفاهيم تربوية قد شحنت في شهر رمضان لتعليم الإنسان وتهذيبه وتشذيب علاقته مع الآخر على نمط أخلاقي ذو مناقب عالية ومضامين تربوية كل هذا نشهده في شهر رمضان في معالجات مشاكل تربوية يجهلها الإنسان في مجتمعات اليوم، فتفتح لنا أبواب الخير لصناعة قيم تربوية مع الآخرين وتفتح له الآفاق في علاقته الروحية مع الله عزوجل وترسم له الصراط إلى عالم الآخرة، وهل يوجد خير أعظم من هذا؟.
-ثالثاً: قبول حسنات الإنسان:
شهر هو أعظم الشهور والذي يكون الإنسان فيه في ضيافة الله عز وجل وأن أعماله أسرع إلى القبول حيث أن العبادات تارة ننظر إليها من جهة الشروط الفقهية وهي صحة هذه الأعمال والأجزاء وتارة ننظر إليها من حيث القبول، وهذا القبول لا يكون إلا حينما تصدر هذه العبادة من قلب قد انقطع إلى الله، وهذا القبول لهذه الأعمال والعبادات كأنه المرحلة الثالثة المترتبة على ما سبق من وفرة البركات وإتيان الخيرات وكسب الحسنات فإنه ستتهيأ الأرضية لأعمال الإنسان وطاعته للقبول لأنه كلما أعطى من الخيرات وزادت حسناته وخيراته كان أقرب إلى قبول تلك الأعمال والخيرات عند الله عزوجل.
فعن الإمام الرضا (عليه السلام): (من قرأ في شهر رمضان آية من كتاب الله عز وجل كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور. ومن ضحك فيه في وجه أخيه المؤمن لم يلقه يوم القيامة إلا ضحك في وجهه، وبشره بالجنة ومن أعان فيه مؤمناً أعانه الله تعالى على الجواز على الصراط، يوم تزل فيه الأقدام، ومن كف فيه غضبه كف الله عنه غضبه يوم القيامة، ومن أغاث فيه ملهوفاً آمنه الله من الفزع الأكبر يوم القيامة، ومن نصر فيه مظلوماً نصره الله على كل من عاداه في الدنيا، ونصره يوم القيامة عند الحساب والميزان).
و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر