- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم السادس من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اللهم لا تخذلني فيه لتعرض معصيتك، ولا تضربني بسياط نقمتك، وزحزحني فيه من موجبات سخطك).
عندما نمعن النظر في هذا الدعاء الشريف فإننا نجد (ثلاثة) أمور لابد من التوقف عندها:-
- الأمر الأول: (لا تخذلني فيه لتعرض معصيتك..)، نرى في هذه الفقرة من الدعاء أنها ذكرت أحد طرفي تعامل الله عز وجل مع العبد، حيث أن الله تعالى مرة يتعامل مع عبده بمزيد من العناية والرأفة، وهذا التعامل يدفع ، العبد الى الطاعات والعمل الصالح, والإنسان يحتاج إلى العون الإلهي والمدد وذلك لأن الإنسان هو دائماً يعيش معركة وصراعاً مع النفس والشيطان ومغريات الحياة.. فيتعرض إلى انتكاسات المعصية وإلى الضياع، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام الى هذا في دعاء الصباح: (اِلـهي اِنْ لَمْ تَبْتَدِئنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ فَمَنِ السّالِكُ بي اِلَيْكَ في واضِحِ الطَّريقِ، وَاِنْ اَسْلَمَتْني اَناتُكَ لِقائِدِ الْاَمَلِ وَالْمُني فَمَنِ الْمُقيلُ عَثَراتي مِنْ كَبَواتِ الْهَوى).
أما إذا انقطع عون الله تعالى ومدده عن العبد وهو (الخذلان) وهو أن يوكله إلى نفسه لوجود مقتضيات هذا الخذلان لابتعاد العبد عن طاعة الله، ومبارزته لله بالمعاصي، فما الذي نحتاجه إذن في هذا الصراع خصوصاً في عصرنا الحاضر؟ نحتاج الرجوع إلى ألله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ). والطائف: هو تشبيه لدور الشيطان وكأنه يطوف حول قلب الإنسان، فإذا حصل على منفذ اخترقه ودخل إليه فيلقي حجاباً على بصيرته فحينها يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، ولكن عند ذكر الله تعالى سوف يدفع خطر الشيطان.
- الامر الثاني: (ولا تضربني بسياط نقمتك..)، الدعاء يشير إلى أن هناك عقوبات توجه للعبد نتيجة لأعمال الإنسان التي وقعت وصدرت منه على خلاف الإرادة الالهية، وهذه العقوبات تارة عقوبات تأديبية، كما جاء في دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام: (إِلهِي، لاتُؤدِّبْنِي بِعُقُوبَتِكَ). وأخرى عقوبات انتقامية: (لا تضربني بسياط نقمتك)، فعبر عن الأولى (لا تؤدبني)، وعن الثانية (لا تضربني)، وهنا استخدم لفظ سياط وهي تشير الى عقوبة الإنتقام والغضب. وهذا السخط الإلهي والغضب حل بالعبد لوجود مقتضيات وأسباب هيأها لنفسه، فاقترف الذنب والمعصية، فاستحق العقوبة الإنتقامية: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)، و ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (مجاهرة الله سبحانه بالمعاصي تعجل النقم)٠
- الامر الثالث: (وزحزحني فيه من موجبات سخطك..)، هذه الفقرة من الدعاء تشير إلى نتيجة: وهي أن الإنسان بعد أن أوكلته ذنوبه و آثامه إلى نفسه أدخلته في دائرة الغضب الإلهي فكانت الخسارة الكبيرة وهي أعظم الخسارات والتي سيواجهها الإنسان في عالم الآخرة والتي هي انعكاس لأعماله في الدنيا، هي دخول جهنم والعياذ بالله اما المؤمن فهو على حذر من مغبات أعماله وعلى ترقب من نتائجها، فهم كما وصفهم القرآن: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا).
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر