بقلم:عباس الصباغ
قد يكون مالاتوس على حق في فرضيته الديموغرافية التي يربط بها ازدياد عدد السكان بالموارد ويربط الفقر الحاصل بنسب هذه الموارد بموجب نسب عددية ورياضية معروفة . واليوم ونحن نعيش في عالم ينوء بملياراته الثمانية، وذات الامر ينطبق على العراق الذي سينوء بملايينه الخمسين عام 2030 فهذه طفرات سكانية غير محسوبة العواقب او مدروسة بالنسبة للامن الغذائي لتلك الاعداد وان كانت الارزاق بيد الله ، ولكن يجب ان لاتُأخذ الامور بهذا السهولة المفرطة خاصة ونحن كعراقيين مازلنا نعاني من عدة امور اقتصادية وسياسية واجتماعية فمازال اقتصادنا يرزح تحت نير الريعية ولم يتخذ مهندسو الاقتصاد وسيلة اخرى للتخلص من شبح ريعية النفط كتنويع مصادر الدخل القومي كالزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار ولم ينتبهوا الى التغيرات الحاصلة في اقتصادات العالم ، وانّ الكثير من الدول خاصة النفطية منها ستتجه الى الاقتصاد الاخضر (الطاقة النظيفة) عندها سيصبح الاعتماد على الطاقة الاحفورية من الماضي ، وهذا يستدعي تعديل صيغة هيكلة الاقتصاد الوطني عبر تنويع تمويل مصادره وتعديل هيكلية الموازنة بتغليب الميزانية الاستثمارية على التشغيلية وليس العكس وهذا ممكن بالتخطيط الاستراتيجي السليم ، و تأسيس صندوق نفطي سيادي يضمن حق الاجيال القادمة والابتعاد عن مبدأ (اصرف مافي الجيب ياتيك مافي الغيب ) فهذا زمن ولى وجاء زمن الاستراتيجيات والخطط والبرامج الرصينة والبعيدة عن الفساد والفشل. سياسيا مازالت العملية السياسية تئنّ من مبدأ المحاصصة والذي بموجبه استشرى الفساد (التريليوني ) العميق بمؤازرة الدولة العميقة، وتحولت تلك العملية الى عصابات ومافيات ضاع معها المال العام ونهبت مقدرات البلد وجميع فرص التقدم والازدهار والعيش بكرامة وتدنت مستويات خدمات البنى التحتية فضلا عن استشراء البطالة والعيش تحت مستوى الفقر الذي يعيش الكثير من العراقيين تحت خطه خاصة سكان العشوائيات واذا كان هذا حال العراقيين بملايينهم الحالية بهذه الصورة المتدنية والمزرية فكيف سيكون حالهم وهم خمسون مليونا؟ اقتصاديا يجب تنويع مصادر الدخل من الان وتفعيل بقية القطاعات الاقتصادية لان العالم سيتجه نحو الطاقة النظيفة فلاتكفي عوائد النفط لأقل من ربع الموازنة فكيف سيعيش الجيل اللاحق اذا كان الجيل الحالي يعيش في متاهات سياسية وامنية واقتصادية وخدماتية ؟. ديموغرافيا : يجب الاستعداد لوضع استراتيجيات سكانية وتقنين نسب الانجاب لتتوافق مع الموارد المتاحة وزيادة الوعي الجماهيري بذلك مع تهيئة الاجواء لذلك كتوفير المياه اللازمة للزراعة ، ومعالجة الفقر والبطالة قدر الامكان واستيعاب الخريجين (ليس بالتعيينات فقط) وتنشيط القطاع الخاص ودعم الصناعة وتهيئة المناخ الخاص للاستثمار والاهم هو التحول الى اقتصاد السوق فما زال اقتصادنا بائسا. عراقيا اذا استمرت الامور وفق المعطيات الاقتصادية / السياسية / الديموغرافية الحالية المتخلفة وبدون استراتيجيات تنقلنا نحو الافضل ، نقول نعم لقد كان مالاتوس على حق.