بقلم: القاضي إياد محسن ضمد
لا تحرك اغلب دوائر ومؤسسات الدولة اي ساكن قبل ارتكاب جرائم سرقة المال العام.. دوائر تغط الرقابة فيها بسبات عميق حتى يسرق المال العام ويتم تهريبه ومن ثم تتم مطالبة القضاء بكشف الجريمة والضالعين فيها واسترداد الاموال.. يعني ذلك ان الرقابة القبلية او الاستباقية غائبة او غير فاعلة هذا إن لم تكن متواطئة وشريكة أساسية في تسهيل عملية إمرار المخالفات وعدم إيقافها.
واغلب النظم الإدارية والوظيفية تهتم بتفعيل دور الرقابة الاستباقية وإيكال مهماتها لموظفين أكفاء يمتازون بالشجاعة والنزاهة.. شجاعة تضمن وقف المخالفة قبل حدوثها حتى وان ارتكبت من الرئيس الاعلى... ونزاهة تضمن عدم الانسياق والانجرار وراء مرتكبي جرائم الفساد.
والرقابة الاستباقية هي جملة صلاحيات تمنح لبعض موظفي المؤسسة تسمح لهم وتمكنهم من رصد المخالفات قبل ترتب آثارها، كذلك هي مجموعة إجراءات ومصدات وظيفية وإدارية تمنع أي فرصة لسرقة المال العام.
وازاء ما يمتلكه سراق المال العام من وسائل حديثة لارتكاب جرائمهم صار لزاما ان يتم إدخال أنظمة رقابة الكترونية حديثة ومتطورة تدعم جهود موظفي الرقابة الاستباقية وتعزز قدراتهم في منع حصول المخالفات وتحقق الأضرار الناجمة عنها.
وليست الرقابة الاستباقية هي فقط ما تهتم النظم القانونية والادارية بالنص عليها بل هي تركز كذلك على الرقابة الكشفية والبعدية والرقابة العلاجية وكذلك الرقابة المتزامنة وإذا لم تنجح تلك الأجهزة بتنوع صلاحياتها الرقابية في منع الفساد او الكشف عنه ووقفه فان ذلك يؤشر لخلل كبير، وفي هذه الحالة على إدارة الدولة العليا أن تعلن حالة طوارئ إدارية لمراجعة فاعلية الرقابة وجدواها وسبل الارتقاء بأدائها وهذا هو التحدي الاهم والأكبر الذي يجب مواجهته لان مكافحة الفساد هي المنجز الاهم الذي تستتبعه التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
أقرأ ايضاً
- حكومة تصريف الاعمال وغياب الرقابة عنها
- الظواهر بين الدلائل العرفية والرقابة المجتمعية ..جزء الثاني
- الظواهر بين الدلائل العرفية والرقابة المجتمعية