يقترب موعد تطبيق خطة انسحاب القوات الأمريكية من العراق وسط تصاعد الجدل السياسي بين الكتل السياسية ، فبعض البرلمانيين رافضون لفكرة الانسحاب رغم احتواء الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق وأمريكا على المادة الرابعة والعشرين التي تلزم القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق نهاية عام 2011 التي جاء في متنها ما يلي :
اعترافاً بأداء القوات الأمنية العراقية وزيادة قدراتها، وتوليها لكامل المسؤوليات الأمنية،وبناء على العلاقة القوية بين الطرفين،فانه تم الاتفاق على ما يلي:
على جميع قوات الولايات المتحدة الانسحاب من جميع الأراضي والمياه والاجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 من كانون الأول لعام 2011.
هكذا جاء النص الملزم للولايات المتحدة الأمريكية بتطبيقه على الأرض دون استثناء،معنى ذلك يجب عدم الرجوع عن تفعيله،وهي رغبة عميقة وراسخة لدى بعض البرلمانيين الذين يؤيدون فكرة الانسحاب،بينما لا يزال فريق آخر يصر على استثناء تنفيذ بند الانسحاب، وبين الفريقين يقف فريق آخر مترددا لم يحدد موقفه الواضح من خطة الانسحاب هل يؤيد أم يرفض؟.
لكن ماذا عن مواقف دول الجوار أو الدول الإقليمية المتاخمة للعراق بصورة خاصة ؟ أو دول الشرق الأوسط بصورة عامة ؟ وما هي طبيعة سياساتها الخارجية تجاه ملف الانسحاب من العراق؟ هل ثمة موقف موحد يحث على الدفع باتجاه عدم الانسحاب ؟ أم هنالك مواقف متباينة ؟
يبدو أن بلدان الخليج العربي قاطبة إضافة إلى الأردن وتركيا جميعها بلدان حريصة على عدم الانسحاب لكي يبقى العراق ضعيف السيادة ، ولكي تضمن هذه البلدان الحفاظ على مصالحها وتفرض أجنداتها السياسية والاقتصادية التي ترغب هي في فرضها على العراق ، على نفس المسار المضاد للانسحاب تركز إسرائيل وتطمح في بقاء القوات الأمريكية كصمام أمان داعم لسياساتها في الشرق الأوسط ،
لكن على العكس من هذه المواقف تقف سوريا وإيران الطامحتان إلى انسحاب وشيك لدرء خطر التواجد الأمريكي عنهما، فمن المعروف أن هذين الدولتين لا تتمتعان بعلاقات دبلوماسية عالية المستوى مع الولايات المتحدة الأمريكية ولا تربطهما بها مصالح واسعة المدى، وهما السببان الرئيسيان اللذان يدفعان بهما لاتخاذ موقف مناوئ لبقاء القوات الأمريكية في العراق لأن البقاء لا ينسجم إطلاقا مع مصالحهما في العراق والمنطقة.
أما بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية فهي ترغب في البقاء والاستمرار تحت ذرائع شتى منها حاجة القوات العراقية للمزيد من التدريب حتى تكون جاهزة ، لكن يبدو أن هذا المبرر يخفي خلفه أهدافا أخرى تتلخص في رغبة أمريكا في البقاء وبسط الهيمنة على العراق والمنطقة ومراقبة الوضع العربي المتفجر في عدد من الدول العربية ،
فرغم أن الولايات المتحدة ستقوم بسحب عدد من قواتها لكنها ستبقي على عدد محدد لأهداف تبدو في الظاهر تصب في مصلحة العراق الأمنية لكنها في خلفياتها تخدم المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة ، فمن الواضح جدا أن الوجود الأمريكي لم يسهم في تحقيق الاستقرار الأمني بل كان أحد العوامل التي أدت إلى تدهوره ،وما حدث من تطور أمني نسبي مخترق كان بفضل شيء من التقارب السياسي بين الكتل السياسية وامتلاك القوات العراقية جيشا وشرطة لها القدرة على ضبط الأمن لكن ليست بصورة مطلقة.
أما بخصوص المشاورات التي أجرتها وستجريها الكتل السياسية البرلمانية و التي تتمحور حول خطة الانسحاب أو البقاء ، فإنها ستؤول إلى اعتماد آلية التصويت ، وحسب المعطيات المتاحة فإن التصويت سيحصل بالثلثين لصالح البقاء حينئذ لن تؤول الأمور إلى الانسحاب المتكامل حسب المادة الرابعة والعشرين من الاتفاقية الأمنية.هكذا يبدو المشهد السياسي العام الذي تبرز فيه ملامح الجدل تجاه قضية مهمة وخطيرة،لم تتوحد إزاءها المواقف لأنها قضية ترتبط بطبيعة مصالح الكتل السياسية وجوهر علاقات البلدان مع العراق ومع بعضها البعض وحجم وتأثير هذه العلاقات على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية
أقرأ ايضاً
- رئيس الوزراء: العراق يتجه إلى تطوير صناعته النفطية والتوسع في إنتاج وتصدير المشتقات
- السوداني: حجم الاستثمار العربي والأجنبي في العراق وصل إلى 63 مليار دولار
- لم يمهله كثيرا:الاعلان عن وفاة الاعلامي العراقي كريم بدر بعد صراع مع المرض