رحب ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الحرم الحسيني الشريف في 27- شعبان-1432هـ الموافق 29-7-2011م بقدوم شهر الخير والبركة والغفران بقوله: سيحلّ بساحتنا بعد يومين أو ثلاث شهر الضيافة الإلهية وقد دعينا فيه إلى أن نحلّ ضيوفاً على ارحم الراحمين، وقد جعل الله تعالى له الشيء الكثير من الحرمات الموفورة والفضائل المشهورة.
وتابع إن هذه الحرمة تقتضي أن نصونها ونحفظها ونمنع هتكها وتجاوزها ليحفظ لنا الله تعالى ذماننا وحرمتنا ويجزل العطاء لنا والهبات والكرامات.
واستطرد سماحته إن حفظ هذه الحرمة مسؤولية الجميع .. مسؤولية الإخوة مسؤولي الدولة والمواطنين خاصة والمؤمنين بصورة عامة .. وطالب الإخوة المسؤولين إلى العمل الجاد لتطبيق التعليمات الموضوعة من قبل الجهات المختصة لحفظ حرمة هذا الشهر المبارك، وتحتاج هذه التعليمات إلى التفعيل والتطبيق وكذلك هي مسؤولية المؤمنين بصورة عامة أن يراعوا حرمة هذا الشهر الشريف ويعملوا من خلال النصيحة والموعظة على منع الاجهار بالإفطار خصوصاً في المدن المقدسة فإنها أولى من غيرها بمراعاة هذه الحرمة .. وهذه التوصيات عامة إلى الجميع وتشمل أصحاب محلات الأطعمة والمشروبات وعموم المواطنين من المسافرين ومن له العذر في الإفطار .. ويأتي ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ إن التجاهر بالإفطار من الأمور المنكرة والمحرمة.
وتوجه سماحته بالتوصية أيضا إلى الحكومات المحلية والمركزية والآباء والأمهات والمؤسسات التربوية بضرورة الالتفات والانتباه إلى مخاطر انجرار الشباب إلى الفساد الأخلاقي وغيره .. فقد كثرت في الفترة الأخيرة وتنوعت أساليب ووسائل جرِّ الشباب إلى الفساد ومنه ما نراه من انتشار ظاهرة التدخين (بالناركيله) في الكثير من المقاهي واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة الذين يريدون الإثراء على حساب صحة وأخلاق الشباب وذلك بوضع المخدرات في التبغ المستخدم فيها.
وشدد سماحته على تكثيف الإجراءات لمنع انزلاق الشباب في مهاوي الفساد بقوله: – حتى الدول الغربية وغيرها – بدأت تضع تعليمات وضوابط مشددّة لمنع استعمال التبوغ والتدخين، بينما نرى في العراق إن هذه العادة بدأت تنتشر وتتسع وتتعدد أساليبها وهي من اخطر أنواع التدخين ضرراً على الإنسان لذلك نلفت نظر الجميع إلى الحذر واليقظة من مخاطر هذه الأساليب وخصوصاً انتشار هذه الظاهرة.
وعن النية في عرض مسلسل يتناول أحداثا تاريخية يعبر أصحاب المسلسل عنها بـ ( أحداث الفتنة الكبرى) ويظهر فيها صور بعض المعصومين ( عليهم السلام) وبعض أصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال سماحته إن هذا المسلسل يعرض في فترة حساسة وموضع اختلاف وجدل ورؤى متعددة من قبل المسلمين وأورد تحفظات كثيرة على هذا المسلسل منها:
أولا: انه يتعرض لفترة تاريخية حساسة وحرجة لدى المسلمين وما جرى فيها من أحداث هي موضع جدل واختلاف وتعدد رؤى حولها وعرضها سيؤدي إلى مزيد من الفرقة والتنافر والاختلاف بين المسلمين، وتساءل إن وجهة النظر التي ستعرض فيها والتقييم لتلك الأحداث وجذورها ستكون وفق وجهة نظر مَنْ من بين طوائف المسلمين ومذاهبهم ومشاربهم؟! فمثل هذه الأحداث فيها وجهات نظر مختلفة بصورة كبيرة وليس من سبيل إلى الوصول إلى وجهة نظر واحدة بشأنها، وبالتالي ستثير الأطراف الأخرى وتعمل على المزيد من التفرقة والاختلاف بين المسلمين، ونحن بأمس الحاجة في الوقت الحاضر إلى إرساء دعائم التآلف والتآخي ونبذ ما يفرّق بين المسلمين.
ثانيا: في ما يتعلق بأصل تمثيل شخصيات المعصومين وأصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فهذا موضع خلاف بين فقهاء المسلمين وهو محل إشكال كبير عند بعضهم وليس من الصحيح أن يقوم البعض ممن لا ورع عنده ولا التزام ديني بتمثيل هذه الشخصيات.
ثالثا: ذكر البعض إن هناك موافقة على هذا العمل التمثيلي من المرجعية الدينية العليا وهذا أمر لا صحة له إطلاقا وهو وهم محض.
وأضاف ممثل المرجعية الدينية العليا إن على ضوء ما ذكرناه فان هناك تحفظات كثيرة على عرض هكذا مسلسلات، بل ليس من المصلحة إطلاقا عرضها، بل هو خلاف المصلحة المطلوب تحقيقها للمسلمين حالياً وهو العمل بجميع الأسباب والوسائل التي تؤدي إلى نبذ التفرقة والاختلاف والتناحر وإشاعة أجواء التآلف والتقارب بين المسلمين جميعا.
ولخص سماحته تلك التحفظات قائلا: إن عرض هذا المسلسل هو خلاف ما تقتضيه مصالح المسلمين العليا فالظروف التي يمر بها المسلمون يحاول فيها أعداء الإسلام إثارة الاحتقان الطائفي وذلك من خلال التركيز على عرض نقاط الاختلاف بين الطوائف الإسلامية التي لا سبيل إلى حلّها وتوظيف هذه الاختلافات وعرضها بطريقة تثير حفيظة كل مذهب على أصحاب المذاهب الأخرى .. بعيداً عن الطرح العلمي والبرهاني الذي يراد منه الوصول إلى الحقيقة.
وفي جانب آخر من خطبته أكد سماحة الشيخ الكربلائي إن من الأزمات المهمة التي يمر بها العراق وتحتاج إلى وضع خطط لمعالجتها أزمة السكن وظاهرة اتساع أحياء التجاوز وانتشار بيوت الطين والصفيح والتي تعكس حجم المعاناة لطبقات واسعة من أبناء الشعب العراقي.
وأوضح سماحته إن هناك الكثير من المواطنين ممن اضطرتهم ظروف عدم توفر السكن وصعوبة تحصيل مسكن حتى بالإيجار بسبب ارتفاع بدلات الإيجار التي وصلت حدوداً من الاتساع لم تصل إليها حتى دول الجوار .. هؤلاء يشكون من حيرتهم وصعوبة حصولهم على سكن مناسب لهم حيث تطالبهم الحكومات المحلية برفع تجاوزاتهم.
وقال سماحته بهذا الصدد: إن الحكومات المحلية من حيث حاجتها إلى هذه الأراضي لإنشاء المشاريع ومنع حصول تداعيات عشوائية في بناء المنازل من حيث صعوبة توفير الخدمات وتأثير التجاوزات هذه على الخدمات المقدمة في تلك المناطق – ربما – يعطي الحق بعض الشيء لهذه الحكومات برفع التجاوزات ولكن من جهة أخرى هؤلاء هم مواطنون لهم الحق على الدولة في توفير السكن وهو احد الحقوق الأساسية وهم قد اضطرتهم الظروف لذلك بسبب ارتفاع بدلات الإيجار. وطالب سماحته الحكومة المركزية والحكومات المحلية ضرورة وضع خطة لتوزيع الأراضي على المواطنين لتخفيف هذه الأزمة وتخصيص مواقع – ولو مؤقتة – لأصحاب التجاوز لتخطي هذه الفترة العصيبة لحين توفر البدائل المناسبة، وكذلك تفعيل القروض العقارية للمواطنين والإسراع بتنفيذ مشاريع السكن الاستثمارية.
وتناول سماحته مطالباته المتكررة بتفعيل إجراءات السيطرة النوعية لحماية المستهلك العراقي والمواطنين بصورة عامة من دخول البضائع الرديئة والأطعمة الفاسدة وقال إن هذا إجراء مطلوب ومهم، ولكن من اجل الحفاظ على انسيابية دخول هذه البضائع بحيث تتوفر للمواطن بصورة تتناسب وحجم الاستيراد وحاجة المواطن فلابد من دعم أجهزة السيطرة بعناصر كفوءة ونزيهة في نفس الوقت وتوفير المعدات والأجهزة الحديثة لتحقيق السرعة في انسيابية الدخول للبضائع بما يتناسب والأمرين المذكورين حتى لا تنقلب تلك الإجراءات المطلوبة على عرقلة لحركة المواد خصوصاً الغذائية المطلوبة للمواطنين، لاسيما ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك حيث يحتاج المواطنون لهذه المواد ومن الممكن أن يستغل بعض أصحاب النفوس الضعيفة لرفع أسعار المواد الغذائية.
وتأسف سماحته من أن هناك الكثير من الشكاوى من أصحاب البضائع الذين يدخلون بضاعتهم من المنافذ الحدودية البرية والمائية فتجد البعض من موظفي هذه السيطرات يرفع المنع بيد ويفتح اليد الأخرى طالبا المال من صاحب البضاعة ليسمح له بدخول بضاعته مقابل رشوة من المال.
وفي ختام الخطبة أكد سماحة الشيخ الكربلائي من إن مشكلة الفساد في العراق أصبحت مشكلة محيّرة وعجيبة وغريبة فمن جهة هناك مطالبات كثيرة بمعالجة الفساد ولكن من جهة أخرى نجد منافذ الفساد المالي تتسع يوماً بعد يوم والمفسدون يكثرون يوما بعد آخر.
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- خلال لقائه الملك تشارلز الثالث.. رئيس الوزراء يؤكد عزم العراق على توطيد العلاقات مع بريطانيا
- نبيه بري: نشكر المرجعية الرشيدة والشعب العراقي على وقوفهم الدائم لجانب لبنان
- مجلس ذي قار يصوت بالأغلبية على إقالة المحافظ.. اللجنة القانونية: التصويت باطل