- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل يخطط لنظام دكتاتوري جديد ؟
بقلم: د. مهند البراك
تجري الإنتخابات في كل بلدان العالم دورياً لإختيار سلطة تشريعية و تنفيذية جديدة، لتكون الأصلح لقيادة البلاد في الظروف التي تستجد فيها و في المنطقة و العالم، من اجل خير البلاد و رفاهية ابنائها و حمايتها مما يهدد امنها و سلامتها.
و قد قال و كتب و ناقش و تحرّك العديد من السياسيين و البرلمانيين و المثقفين و ذوي الخبرات، من الوطنيين و الأكثر حرصاً على البلاد من مشارب متنوعة، الى ما وصلت اليه البلاد بكل مكوّناتها، من تسيّد النهب و السرقات و الفساد الإداري الذي صار اضافة للميليشيات و السلاح المنفلت، هو الحاكم الفعلي.
و الى انتشار الفقر و البطالة و الجوع و المخدرات و الخراب، وصولاً الى انعدام الكهرباء و الماء الصالح للشرب البشري.. في بلد من اثرى بلدان عالم اليوم، في زمان ازمة الطاقة و الغذاء التي زادتها الحرب الروسية ـ الأوكرانية.
بل و استجدت مشاكل من نوع اخطر يهدد اراضي و وحدة البلاد، و هو هجوم بلدان من المنطقة على مرافقها الأكثر حساسية، لمحاولة تسييرها وفق خططها و لإستغلال ثرواتها و امكاناتها و مواقعهل الستراتيجية، اضافة الى قطع المياه عنها و ضغوط تلك البلدان عليها، كفرض بيع الغاز لها بأثمان عالية لتوليد الكهرباء.
و لم تستطع حكومات المحاصصة و التوافق مواجهتها و انهائها لخللات في تكوينها و لعدم قدرة مسؤوليها، و انما ردّت بردود افعال حكومية كارتونية لانفع فيها، او بقرارات لم يؤخذ بها لضعفها.. سواء تجاه القصف الصاروخي الايراني على اربيل و قصف آبار الغاز في السليمانية من عصابات تدور في افلاكها، او الى تكرار القصف الجوي التركي على القرى الكردستانية و سكّانها الآمنين، اضافة الى العمليات العسكرية التركية الواسعة و اقامتها لعديد من القواعد العسكرية لها في كردستان العراق لأهداف متنوعة.
و اخيراً القصف التركي الأخير على المدنيين العراقيين من كل الأطياف في مصيف في زاخو و الذي تكرر رغم استنكار الحكومة العراقية له و استنكار اعداد متزايدة من المتظاهرين في مختلف المدن للسياسة التركية العسكرية و لقطعها المياه عن انهار العراق التأريخية.. حتى توقّف مجلس الأمن الدولي على عدم آهلية استنكار الحكومة العراقية الخجول على العدوان التركي.
في وقت لاتزال فيه الكتل الحاكمة في حالة من اللف و الدوران و هي امام واجب تشكيل حكومة وفق نتائج الإنتخابات الأخيرة (التي قاطعها ماقارب الـ 80% ممن لديهم حق التصويت)، الإنتخابات التي لم يجر العمل حتى وفق نتائجها التي اعترفت بها، بعد ان جرى تعويمها بمختلف الحجج و الذرائع و بقرارات من المحكمة الإتحادية، و بقيت نفس الكتل الحاكمة تنحت و تعمل اللامعقول للحفاظ على المحاصصة الكريهة و على التوافقية (غطيّ لي و اغطيّ لك)، و للحفاظ على حصصها من الكعكة في ابراجها البعيدة عن الشعب، ضاربة المواد و المواعيد الدستورية عرض الحائط..
ناسية بروز الموقف الشعبي الجماهيري الغاضب ضد الطائفية و المحاصصة و الكتل الحاكمة، و اهميته بعد اسقاطه حكومة و فرضه لإنتخابات مبكرة و اعادة صياغة قانون الانتخابات.. فالشعب بانواع معاناته و مراراته يبرز الآن كمقرر رئيسي جديد لمدى صلاحية الحكومة و مدى الثقة بها.. في معادلة بائسة لعلاقة الشعب بالحكم، الشعب يضحيّ و يعاني المرارات و الحكومات تسرق.
حتى صار صراع الكتل الحاكمة على المناصب، مهدداً للأمن المجتمعي، صراعاً لايبالي بحاجات و مآسي المجتمع.. صراعاً يدور و كأننا في اعوام بدايات تشكيل الحكومات على اساس دستور ينص على التبادل السلمي للسلطة 2007 ـ 2008.
حين كان تشكيل الحكومة الجديدة قائماً على اساس الوعود، التي صار لايمكن الوثوق بها بعد تجربة حياة مرّة لعشرين عاماً مضى، و لايمكن الثقة بمطلقيها الذين صاروا مسخرة بنظر اوسع الأوساط.. من الرئيس السابق للحزب الرئيسي الحاكم (الدعوة) الذي كان يهدد بـ (خروج المارد من القمقم)، و الى الوزير (العبقري) صاحب (السومريون هم اوّل من اخترع الطائرة و علّموا الدنيا على الطيران)، و الى رئيسه الحالي الناطق بمقولة (ماننطيها) و هو يوقّع على (التبادل السلمي للسلطة).. الذي صار حديث الساعة منذ ايّام.
فقد هزّ مانشره الصحافي و الناشط المدني العراقي علي فاضل من تسريبات للسيد المالكي.. هزّ اوساطاً سياسية و شعبية واسعة داخلية و دولية، و مابين مكذّب و مصدّق لها، تزداد تأكيدات من جهات فنية و من رفاق سابقين للمالكي و ممن عملوا معه و من جايله، تزداد تأكيداتهم على كون التسريبات صحيحة و كونها تنطبق على اساليبه في الحديث و التفكير و طرق التعبير و الرؤى، التي تسلّط اضواءً على موقفه من التيار الصدري صاحب اعلى اصوات في الإنتخابات الأخيرة و مواقفه المستنكفة من الحشد الشعبي المقاتل لأنه لم يتحوّل الى (حرس ثوري) كإيران، ناسياً بأنه لم يقم بثورة و انما جاء على جناح محتل، و مواقفه من قادة المكوّنات العراقية الأخرى.. اضافة الى ذكره لوشائج وثيقة بـ (الارجنتين) و فقيهها و تفاصيل عن مقرّبيه و اجهزته الذاهبة عميقاً في البلاد، و ماينوي فعله من (انقلاب عسكري مغطىّ بالدستور و بالفتاوي) بجماعات مسلّحة مزوّدة بدبابات و مسيّرات و صواريخ بعيدة مدى، و صواريخ اخرى (عابرة للقارات) يعملون على (تصنيعها) لكنهم يحتاجون نثرية !!!
و غيرها.. مما تؤكّد سعيه للخروج عن الدستور و قراره بالخروج عن التبادل السلمي الدستوري للسلطة، و توضّح المدى البعيد لإستئثار فئة لوحدها من مكوّن بالحكم بقيادة (مختار عصر) قائد ضرورة جديد !!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!