بقلم: علي حسين
كنت أنوي أن أخصص عمود اليوم للحديث عن اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، الرجل الذي أمضى نصف عمره في زنزانة انفرادية، توقع المقربون منه أن خروجه من السجن يعني أن لحظة الثأر قد حانت، لكنه لم يحقق لهم مبتغاهم ودعا الجميع إلى نسيان الماضي مؤكداً أن: "الإنسان الحق هو ذلك الذي لايكرر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه".
يبدو الحديث عن مانديلا هذه الأيام ونحن نعيش كوميديا سياسية توقفت فيها مصالح البلاد والعباد، لأن ساستنا يعتقدون أن الكرسي حق لهم مدى الحياة، أشبه بالحديث عن حلم عاشه إنسان في زنزانة ضيقة وحين أطلِق سراحه عمل جاهداً على المحافظة على بلد متماسك بكل ألوانه، إلا أن معركة كسر العظام التي تدور في أروقة السياسة العراقية والنوم العميق الذي يمارسه مجلس النواب، يدفعنا نحن الكتّاب أن نسأل هل مجلس نوابنا يمثل العراقيين، وإذا كان مجلساً عراقياً منتخباً، لماذا لا يقطع إجازته ويعود ليناقش الأزمة التي تمر بها البلاد .. سيقول البعض يارجل أنت مثل الذي يؤذن في مالطة، هل تعتقد أن نواباً يقبضون رواتب فلكية وامتيازات ومصفحات ومقاولات، يمكن أن يناقشوا قضايا مصيرية تهم استقرار البلاد، لو كان الأمر يتعلق بالامتيازات، لوجدتهم يقفون منذ الصباح أمام بوابة المجلس.
مانديلا علامة التسامح والغفران في عالم يجنح إلى التعصب والتحامل والعنصرية، استطاع أن يطوي صفحة سوداء ويفتح طريق المستقبل للمواطنين المتعددي الأعراق والأديان. وكانت مواقفه رمزاً لهذا المستقبل حين شكّل حكومته الأولى من مظلومين وظالمين.
التسامح والغفران يتطلبان إيماناً بأن الأفكار مثلها مثل الأشياء تتحول وتتغير، أما عدم التسامح والعجز عن الغفران فهما دليل تعصب وجمود، وبسبب مانديلا الذي عمّم مفهوم التسامح فإن جنوب أفريقيا اليوم أهم وأكثر دول القارة استقراراً ونجاحاً.
أتمنى أن ينظر ساستنا إلى صورة الرجل العجوز وهو يبتسم ليتعلموا أن السياسة هي فن المحافظة على الشعوب، لا فن التلاعب بأقدار الناس.
يتحول بعض السياسيين والحكام في مرحلة تاريخية معينة إلى مرايا تعكس لنا صورة عفوية للتحولات الكبرى التي تحدث من حولنا.. فبالامس تذكر العالم الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا الرجل العجوز الذي عاش ومات وهو ضمانة لكل السكان بكل ألوانهم والذي يصفه الامين العام للام المتحدة بـ"عملاق عصرنا قائد شجاعة لا مثيل لها وإنجاز عظيم؛ ورجل ذو كرامة هادئة وإنسانية عميقة".
يملأ البرلمان للأسف حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج، وفي سذاجة يومية يحاول أن يحول الأنظار عن المخصصات التي يتمتع بها "ادعياء" السياسة والتي تبلغ مليارات الدنانير.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!