- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بين حانة مشعان و مانة أردوغان
بقلم: علي حسين
قال لكم أردوغان قبل ستة أعوام، "قوّاتنا لن تخرج قبل تنفيذ مهمّاتها" ولم يخبركم متى تنتهي هذه المهام. وبشركم وزير الخارجية آنذاك إبراهيم الجعفري، بانسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية، لأنها احترمت سيادة العراق.. وضحك الأتراك حينها حيث تيقنوا بأن السيد الجعفري يعاني من عشو ليلي، فالقوات لم ولن تنسحب.
ليس من دواعي الحظ أن تسمع أخبار العراق هذه الأيام، سوف تشاهد وتسمع النقيضين، خصوصاً إذا كنت تعاني من هواية متابعة الفضائيات، كم مرة في التاريخ يتسنى لنا أن نتسلّى على مثل هكذا تصريحات؟ لذلك ينام المواطن العراقي على بيان، ثم يصحو على نفي من نفس أصحاب البيان.
في الوقت الذي تقصف الطائرات التركية بيوتاً في سنجار، وتصر الجارة ايران على أن صواريخها على أربيل مشروعة، نجد الفضائيات منشغلة بمعركة مشعان الجبوري مع محمد الحلبوسي، وهي واحدة من مهازل الديمقراطية العراقية الحديثة، فالسيد مشعان الجبوري الذي خرج علينا قبل أشهر وهو يبشر بعبقرية محمد الحلبوسي ويصفه بالصلب والشجاع، ويضفي عليه صفات النباهة والرجاحة والتمكن، يريد أن يقنعنا اليوم بأن صاحبه الحلبوسي ما هو إلا خائن للعهد والوعد و"عجي" غادر لن يجلس ثانية على الكرسي.
وفي كل هذه الحوادث تمتلئ سماء هذا الوطن بسحب سوداء ودعوات لإثارة الفوضى، إن نظرة سريعة على نوعية الأخبار والتسريبات الرائجة تنبئ بأن هناك سيناريوهات رعب جاهزة لهذه البلاد، فاما الكرسي او الفوضى .
كنت أتمنى أن أكتب عن عيد الصحافة العراقية، والذي ضربت فيه بلاد الرافدين مثلًا لا يتكرر، بدليل أن العديد من الصحفيين اختطفوا وقتلوا، وشردوا من أماكن عملهم، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية العراقية الجديدة، التي ترفع شعار "لا أرى.. لا أسمع.. لكنني أثرثر".
يشعر السياسي العراقي بحالة من التعالي تجاه الصحافة العراقية، ولا يهمه أبداً أن تذهب الصحافة أو تبقى، ولهذا نجد معظم المسؤولين "الأشاوس"، يفتحون أبوابهم وخزائن ذاكرتهم لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية، لكنهم يستنكفون أن يجلسوا أمام صحفي عراقي، إلّا بشروطهم، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض إلى مساءلة القانون، أو تخطفه سيارة مضللة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية.
والآن عزيزي القارئ وانت تعيش بين "حانة" الجبوري و"مانة" أردوغان، هل ستصدق الصحف لو نشرت مانشيتات تقول إن ساستنا "الاعزاء" قرروا اعتزال العمل السياسي بعد فشل 19 عاما.