بقلم: سامر الياس سعيد
في غضون الأسبوعين الأخيرين، كان الاتحاد الدولي بكرة القدم يخاطب العراقيين وأنديتهم عبر موقفين مختلفين، كان أوّلهما تداول رسالة التهنئة التي بعث بها جياني انفانتينو رئيس الاتحاد لفريق نادي الشرطة بكرة القدم، بمناسبة تحقيق لقب دوري الموسم الحالي حيث برزت من كلمات رئيس الاتحاد مباركته للانجاز الشرطاوي، وإسهامه بمتابعة شؤون الكرة في بلد لم يزل يعيش وطأة الأزمات الخانِقة وظلال السياسة تنعكس على واقع مجتمعه المأزوم بسبب الخلافات، وعدم التوافق والتي لطالما برزت في مانشيتات عريضة على صدر صفحات أبرز صحف الوطن.
ولا شكّ في أن الرياضة العراقية عبّرت عن مفهوم الواقعية من خلال عدم تأثّر رياضييها بالجوّ المشحون الذي طالما تطبّعت البلاد بظلاله برغم أن هذا الجو المشحون بالأزمات أفقدَ الرياضة العديد من نجومها ونُخبها الرياضية، وتبقى حادثة اغتيال لاعب المنتخب الوطني السابق حيدر عبد الرزاق مؤخّراً ماثلة في الأذهان لا تبارحها، مع كشف الزميل إياد الصالحي في الصفحة الرياضية لصحيفة المدى عبر الأسبوع الماضي كثير من تفاصيل تلك الجريمة التي استهدفت نجماً رياضياً أسهم مع زملائه بانتشال البلد من نار حربه الطائفية المقيتة بغمره فرحة الانجاز اليتيم ممثّلاً بانتزاع كأس الأمم الآسيوية قبل نحو خمسة عشر عاماً والتي خلّدت بالانجاز المتحقّق موقعة مهمّة للكرة العراقية التي لم تكن تتوافق مع الألحان الناشزة التي كانت تجرّ البلد الى ويلات ومحن.
أما الموقف الآخر الذي أبرز رؤية الفيفا فكانت بحظرهِ أربعة أندية عراقية من إبرام العقود واستقطاب اللاعبين بسبب مخالفاتها في التعاقدات سواء مع اللاعبين أم المدربين، وهي من الأمور التي باتت تشكّل ضُعفاً ستراتيجياً تُعاني منه الرياضة العراقية، وتعكس الرؤية القاصرة في إنهاء التعاقدات بالشكل السليم، وعدم اللجوء الى المحاكم لحسم قضاياها لاسيما بأن هذا الأمر بشكل بات يمثّل الصورة الواقعية لما تعاني منه الرياضة العراقية، ويعاود التكرار في أكثر من مناسبة.
بلا شك، يتحمّل هذا المفصل القانوني غياب الرؤية الواقعية من جانب أنديتنا تجاه تحصين كياناتها عبر نصٍّ قانوني مفهوم وجليّ من جانب العقود التي تُبرم مع اللاعبين والمدربين، وكانت العملية التي تجري بالتعاقد ما بين الهيئة الإدارية لنادٍ معيّن أو ما بين مدرب أو لاعب تجري وفقاً لمفهوم عشوائي لإسقاط فرض لا أكثر، ولا يرضخ لما أبرزته مواكبة التحديثات والتطوّرات التي تشمل عملية التعاقد كالتي أبرزتها الفيفا، وشكّلت قوانينها وبنودها التي يبدو أن أنديتنا والبعض منها بالتأكيد لم يستوعب منها أو يهضم تلك الفقرات التي تجسّد عملية التوافق ما بين مدرب يُستقطب لتدريب الفريق أو من جانب نادي ينتظر تسريع النتائج كي يشكّل رؤيته بشأن قدرة ذلك المدرب من إمكانية قيادته الفريق من عدمها.
بصراحة، فإن متابعة خبر الحظر الذي نال من أربعة فرق عراقية تشكِّل غصّة في مفهوم الرياضة وشؤونها، ونظرة الأندية القاصرة للغاية في مسألة إتمام تعاقداتها بالشكل الصحي، والسليم الخالي من كل الاعتراضات أو اللجوء الى أروقة المحاكم لغرض حسمها، وبالتالي يفتح مثل هكذا خبر عشرات التساؤلات بشأن مدى قدرة القانونيين العراقيين في التماهي مع تلك الأجواء، وإبراز قدرتهم على إحقاق الحقّ لذوي تلك الاعتراضات على بنود العقود وفقراته، الأمر الذي يشكّل تكراراً مُزعجاً في غياب الرؤية الواضحة من جانب تلك الأندية التي نالها قرار حظر الفيفا.
للإعلام الرياضي دور أوسع في هذا الجانب من خلال تهيئة مساحة مناسبة تتيحها وسائل الإعلام المختلفة لغرض للتثقيف حول الأمر وتبديد الضبابية التي من الممكن أن تتولّد لدى اللاعبين والمدربين من أجل معرفة ما لهم أو الواجبات التي تلقى عليهم في خضم التعاقدات التي تجري في أروقة الأندية لغرض وضع حدٍّ في سبيل تكرار التعاقدات التي تبدو أنها تجري فقط في واجهة الإعلام فحسب من دون أن يتمكّن اللاعب أو المدرب المُتعاقد من معرفة أبسط ما يتضمّنه عقده من شروط وفقرات تُحدّد انسيابية تمثيله لذلك الفريق.
أقرأ ايضاً
- دلالات العدوان الصهيوني على لبنان
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- المثقف وعودة الخطاب الطائفي