بقلم: د. بلال الخليفة
الاتربة هذه الأيام أصبحت شيئا مألوفا فهي تكاد ان تكون اسبوعيه او أكثر، وما يصاحب الامر من حالات اختناق. ان سبب الأتربة كما تعلمون هو التصحر الذي يزداد يوما بعد يوم في العراق وفي العالم وحسب تقرير الصندوق العالمي للطبيعة فقدت الأرض حوالي 30% من مواردها الطبيعية ما بين سنتيّ 1970م و1995م، وان مجموع المساحات المتصحرة في العالم حوالي 46 مليون كيلومتر مربع يخص الوطن العربي منها حوالي 13 مليون كيلومتر مربع أي حوالي 28% من جملة المناطق المتصحرة في العالم، اما في العراق حيث يقول البعض بان التصحر وصل "نسبة 69% من أراضي العراق الزراعية".
أن العراق يفقد حاليا نحو 25 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة سنويا، معظمها في الجنوب، كما يزداد التصحر بسبب قلة المياه، حسب ما أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وذلك لعدة أسباب منها:
1 – التغير المناخ العالمي وزيادة الاحترار بسبب الملوثات
2 – قلة في الامطار عالميا ومحليا
3 – وهذه النقطة المهمة لنا وهي انشاء سدود على نهري دجلة والفرات وقلل من حصص العراق المائية بشكل كبير. فنهر دجلة كانت امداداته للعراق هي من 40 إلى 50 مليار متر مكعب إلى نهر دجلة الذي، أصبح يستقبل اليوم حوالي 15 إلى 20 مليار"، واما نهر الفرات كان يستقبل في حدود 30 إلى 35 مليار متر مكعب، بينما لا تصل إمداداته الحالية إلى 15 مليار متر مكعب.
هنا يتم التركيز على نهر دجلة لأنه الوحيد الذي يمر بإقليم كردستان وان سلطة الإقليم قررت قبل أسابيع أي في شهر نيسان من عام 2022 ان تبني أربع سدود جديدة بالتعاقد مع شركة بورجاينا وحتما ان من يدفع أموال تلك المشاريع هي من الموازنة العامة الاتحادية التي تمول من نفط الوسط والجنوب فقط.
يمر في الإقليم نهر دجلة وكذلك بعض فروعة، ان سياسة الإقليم لا تختلف عن سياسة تركيا في استخدام موضوع الماء كورقة ضغط على الوسط والجنوب، ومثال على ذلك، دعا رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني محمد الحاج محمود، في وقت سابق، إلى “قطع إمداد وسط العراق بمياه سدود دربندخان ودوكان رداً على تمرير قانون الاقتراض رغما عن الاعتراضات الكردية”.
للعلم ان قانون الاقتراض جاء ليسد العجز في الموازنة العامة الاتحادية نتيجة جائحة كورونا وان الإقليم لا يساهم برفد تلك الموازنة العامة باي دينار واحد ورغم ذلك يريد ان تكون له نسبة من الاقتراض الذي سوف يسدد من نفط الوسط والجنوب.
ومثال اخر حول التصريحات التي تشير الى إمكانية استخدام الماء كورقة ضغطك ضد الجنوب هو تصريح وزير زراعة الإقليم، عبد الستار مجيد حيث قال إن منع السلطات الايرانية تدفق المياه الى الزاب الاسفل يأتي كورقة ضغط ضد إجراء الاستفتاء في الاقليم، بحسب قوله، مضيفا اننا أبلغنا بغداد أنه في حال قطعت طهران مترين مكعبين من المياه عن اقليم كردستان فأننا سوف نضطر لقطع متر مكعب من المياه عن جنوب العراق.
ومن الأمور التي يجب الإشارة اليها هو ان نسبة الماء الداخل للعراق من إيران هو 3 % (حسب تصريح السفير الإيراني السيد ايرج مسجدي) وفي تصريحات أخرى لبعض المختصين ان النسبة هي 7 % والباقي هو من تركيا ولكن نلاحظ ان المسؤول العراقي يتكلم فقط ضد إيران دون تركيا وعلى سبيل المثال ان وزير الموارد المالية مهدي رشيد الحمداني، في يوليو تموز عام 2021، بالتوجه إلى المجتمع الدولي من أجل الحصول على حقوق بلده المائية من إيران.
في تركيا، وصل عدد السدود في تركيا إلى 579 سدا تم إنشاؤها لأغراض إمدادات المياه والري وتوليد الطاقة المائية والتحكم في الفيضانات، ُضاف إلى ذلك أن هناك 210 سدا تقريبا قيد الإنشاء في مشاريع مائية تسعى تركيا إلى تشييدها قريبا. وأخطر ما تم أنشائه ممن تركيا هو مشروع كاب GAP الذي يكون سيد اليسو احدة وان عدد السدود المزمع انشائها هو 22 سيد ضمن البرنامج، والعراق لا يحرك ساكنا رغم ان القوانين الدولية تشير الى اخذ راي الدول التي يمر فيها تلك الأنهر.
السدود في الاقليم
إقليم كردستان يقع ضمن المناطق المضمونة الأمطار ومن المناطق الغنية في العالم بالمياه.
اسم السد/ المحافظة/ تاريخ لانشاء/ النهر
سد دوكان/السليمانية/1959/الزاب الصغير
سد دربندخان/السليمانية/1961/دجلة
سد دهوك/دهوك /1988
سد بلكانة/كركوك/2009
سد شيرين/كركوك/2009
سد خاصة/كركوك/2011
سد الدبس/كركوك/1965/الزاب الصغير
سدود قيد الإنشاء والتي يخطط لبنائها
1. سد بادوش على نهر دجلة (قيد الإنشاء)
2. سد مكحول على نهر دجلة يبلغ طوله بحدود 3.6 كم وطاقته التخزينية 12 مليون م3 (بدأ العمل فيه سنة 2000 لكنه توقف عام 2003)
3. سد بخمة على نهر الزاب الكبير (قيد الإنشاء) ويبعد مسافة 60 كم (37 ميل) شمال شرق أربيل كردستان العراق
4. سد شقلاوة ويقع على وديان شقلاوة في مرحلة الدراسة.
5. سد شدلة على نهر تابين ضمن محافظة السليمانية وضمن مرحلة الدراسة.
6. سد باكرمان على نهر الخازر في محافظة دهوك والمشروع في مرحلة التصاميم
7. سد جمركة في مرحلة الدراسات ويقع على وادي جمركة قرب قرية جمركة في محافظة أربيل وذو سعة خزنية (38) مليون م3.
8. سد رزكه في مرحلة الدراسات ويقع على وادي رزكه قرب قرية قره بك في محافظة أربيل ذو سعة خزنية حوالي (50) مليون م3.
9. سد تنظيمي في مرحلة الدراسات لغرض تنظيم المياه في نهر الزاب الصغير ويقع في مؤخر سد دوكان.
10. سد كولوس ويقع على نهر جاقان ضمن سهل شهرزور في محافظة السليمانية لخزن (76) مليون م3، والسد ضمن مرحلة التصاميم.
11. سد منداوه على نهر الزاب الكبير
12. سد باكرمان على نهر الخازر
13. سد خليكان على نهر الخازر
14. سد طق طق على نهر الزاب الأسفل
15. سد باسرة على أحد فروع نهر العظيم
16. سد البغدادي في الرمادي
17. سد تولساق في ديالى
18. سد سورقاشان في السليمانية، تم سنة 2011 والمفروض ان تنتهي في شهر كانون الثاني سنة 2015.
19. سد باسرة تم البدا في العمل فيه سنة 2013 وكان من المتوقع ان ينتهي العمل في خمسة سنوات، لم يكتمل للان
واما وزارة الزراعة في الإقليم لديها راي اخر بعدد السدود وعلى لسان مدير عام السدود وخزانات المياه في الوزارة أكرم أحمد: "في إقليم كردستان 17 سدا ونحو 100 حاجز لتخزين المياه، تبلغ قدرتها التخزينية السنوية نحو 10 مليارات متر مكعب".
وأضاف، أن "المديرية قامت حتى الآن ببناء 12 سدا، هي جلي، ديكلة، حماموك، كودلة، شيوة سور، هشة زيني، جمي سمور، بيدوهي، باوة شاسوار، حسن كنوش، قادر كرم، ئاوة سبي، وتستطيع هذه السدود مجتمعة تخزين ما يزيد على 72.5 مليون متر مكعب من الماء".
ان المشكلة تقع في شيئين هما:
1 - ان الإقليم لا يعلم حكومة المركز باي تحرك، وعلى سبيل المثال، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية الاتحادية، علي راضي، القول إن "حكومة كوردستان لم تبلغ أو تنسق مع الوزارة الاتحادية بشأن إنشاء تلك السدود"، مشيرا الى ان "غياب التنسيق يؤثر بشكل سلبي في إدارة المياه في عموم البلاد".
2 – الامر الأخطر الاخر وهو ان الحكومة سوف لن تفعل شيئا حتى وان تم اعلامها لأنها فشلت في كثير من الملفات ومنها ملف النفط والأراضي المختلف عليها وكثير من الملفات.
تأثير بناء السدود على زيادة التصحر
ان تقليل الاطلاقات المائية من تركيا نتيجة بناء سدود جديدة وحاجتها لملى خزانات تلك السدود بالماء اثر وبشكل كبير على الزراعة لان الماء اصبح غير كافي ووصل الامر الى تشكيل لجان لرفع المتجاوزين من الفلاحين على الحصص المائية لهم أي رفع مضخات الفلاحين التي تستخدم لري الأرض.
وكنتيجة لقلة الأراضي الزراعية هو زيادة التصحر وبالتالي ان تأثير التصحر سيكون العامل الرئيسي في العواصف الترابية التي نشهدها هذه الأيام.
النتيجة
1 – ان السبب الرئيسي في شحة المياه هي السدود التي اقامتها تركيا على نهري دجلة والفرات.
2 – بعد عام 2003، ظهر لدينا ان سبب اخر وهو السدود التي اقامتها السلطة في إقليم كردستان.
3 – استخدم ملف الماء من قبل تركيا كورقة ضغط، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التحكم بشكل مطلق بتدفق مياه نهري دجلة والفرات، وسيستخدم نفس الاسلوب من قبل سلطة الإقليم في السنوات القادمة.
4 – ان معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في البلاد نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب.
5 - إن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.
6 - لا توجد اتفاقية محددة بين العراق وتركيا لقسمة المياه باستثناء تفاهمات وبرتوكولات مشتركة حول بعض الحالات السابقة.
7 – يوجد نهرين ينبعان من إيران ويصبان في داخل العراق وهما الكرخة وكارون وهو يصب في شط العرب ولذلك هو لا يؤثر على الزراعة لكن معظم الكلام يوجه نحو إيران وليس السعودية.
8 - خلال الاستفتاء على استقلال إقليم كوردستان في سبتمبر 2017، ذكر خبراء الإقليم والسياسيون مرارًا وتكرارًا البطاقة الرابحة كضامن لضمان الاستقلال. في الواقع، كانوا يعتقدون أنه إذا خفضت بغداد ميزانية الإقليم أو أغلقت الحدود عليها، فلن تقوم أربيل بإرسال المياه إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من العراق.
9 – ان التصحر سيزداد اكثر نتيجة عدم وجود خطط للمعالجة
10 – ان العواصف ستستمر طالما ان التصحر في ازدياد
التوصيات
1 - إعادة التشجير وتجديد الأشجار
2 - إدارة المياه - توفير المياه المعالجة أو إعادة استخدامها أو جمع مياه الأمطار أو تحلية المياه أو الاستخدام المباشر لمياه البحر للمحطات المحبة للملح
3 – يجب ان تكون السدود في الوسط والجنوب لا الشمال ومنع تدفق الماء للخليج.
4 – ان تكون إدارة السدود جميعها بيد الحكومة المركزية.
5 – ان يتم منع الإقليم من إقامة السدود، لانها تؤثر بيئيا وسياسيا.
أقرأ ايضاً
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي