- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا أمل مطلقا في التزام حكومة الإقليم بقرار المحكمة الاتحادية العليا ..
بقلم :أياد السماوي
خمسة وسبعون يوما مضت على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرّقم ( 59 / اتحادية / 2012 وموحدتها 110 / اتحادية / 2019 ) المؤرّخ في 25 / 2 / 2022 .. ولا زالت حكومة الإقليم على موقفها الرافض من هذا القرار جملة وتفصيلا , بل وعدم الاعتراف بشرعية المحكمة التي أصدرت هذا القرار .. في حين لا زالت حكومة مصطفى الكاظمي تدفع مائتي مليار دينار شهريّا من عائدات نفط جنوب العراق إلى حكومة الإقليم المتمرّدة على القانون والدستور والشرعية , ولا زالت مؤسسة كار الكردية التي يملكها الشيخ محمود ومؤسسة الماس القابضة التي يملكها أحمد اسماعيل تهيمنا على عصب الاقتصاد العراقي في قطاعي النفط والكهرباء في جنوب العراق ووسطه إضافة لامتلاكهما للعديد من معامل إنتاج الاسمنت والحديد , ناهيك عن دور الإقليم المحوري في تشكيل الحكومات التي تعاقبت على الحكم بعد سقوط النظام الديكتاتوري , فلا حكومة تقام أو ترى النور من دون أن يكون للإقليم الرأي الحاسم في تشكيل هذه الحكومات .. وبالرغم من كلّ المحاولات والمرونة التي أبدتها وزارة النفط الاتحادية والتي وصلت في بعض حيثياتها حتى للالتفاف على جوهر قرار المحكمة الاتحادية الذي ألزم حكومة الإقليم بتسليم كامل النفط المنتج من حقول إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية ممثلّة بوزارة النفط الاتحادية , إلا أنّ جميع هذه المحاولات قد وصلت إلى طريق مسدود وباءت بالفشل بسبب موقف حكومة الإقليم الثابت والدائم والقائم على معادلة .. نفط وغاز الإقليم وكلّ موارده الاقتصادية والمالية هي ملك للإقليم وحده , ونفط وموارد الوسط والجنوب لعامة العراقيين بما فيها حصّة الإقليم التي تتجاوز العشرين بالمائة من مجموع واردات العراق .. وهذا هو المنهج الذي سارت عليه القيادة الكردية الحالية بعد سقوط الديكتاتورية وفي ظل نظام تقاسم السلطة في عراق التوافق , وما ساعد القيادة الكردية على نجاحها الباهر بانتهاج سياسة ( واحد بمطي وعشرة بجحش ) هو فساد وهزالة القيادات العربية بشّقيها الشيعي والسنّي , واستغلالها للصراع بين المكوّنين الشيعي والسنّي من جانب , وصراع أطراف كلّ مكوّن فيما بينهم كالصراع الحاصل الآن بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي , هذا الصراع الذي وظّفته القيادة الكردية أبشع توظيف لتمرير مآربها واجنداتها .. وما أدلى به وزير النفط الاتحادي إحسان عبد الجبار في اجتماع لهيئة الرأي يوم أمس في مقر وزارة النفط الاتحادية , كان متوّقعا منذ بداية انطلاق المفاوضات بين وزارة النفط الاتحادية وحكومة الإقليم بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية , حيث كان الطرف الكردي ثابتا في موقفه الرافض بالمطلق تسليم حكومة بغداد برميلا واحد من نفط الإقليم إلى شركة سومو , في حين أنّ موقف الحكومة الاتحادية هو الموقف الهزيل والضعيف والذي يدعو للألم .. فليس من المعقول بعد هذه كلّ هذه التجارب مع حكومة الإقليم نعود معهم لذات المرّبع الأول مرّبع المفاوضات القرقوزية المضحكة , فمتى التزمت حكومة الإقليم باتفاق أبرمته مع الحكومة الاتحادية حتى نعود للتفاوض معها لإبرام اتفاق جديد ؟؟ وليعلم السيد وزير النفط أنّه أعجز من تطبيق قرار المحكمة الاتحادية العليا , وما أدلى به ليس سوى أضغاث أحلام , نقول هذا الكلام ليس انتقاصا من شخصه , بل انتقاصا من الحكومة التي ينتمي إليها .. فعندما تمتنع الحكومة الحالية عن إرسال أموال نفط الجنوب إلى حكومة الإقليم خلافا للقانون , حينها يمكن أن نصدّق ما أدلى به جناب السيد الوزير بأنّ وزارة النفط ذاهبة للتطبيق الحرفي لقرار المحكمة الاتحادية العليا .. وليس أمام الحكومة الاتحادية إذا ما أرادت تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية سوى اعتبار الإقليم إقليما منفصلا عن الدولة العراقية والتعامل معه سياسيا واقتصاديا وقانونيا على هذا الأساس , وهذا هو واقع الحال على الأرض , فحكومة الإقليم تتصرف كدولة مستقلّة عن العراق .. ولا سبيل غير فك الارتباط القانوني مع الإقليم , واعتبار الشركات الكردية شركات أجنبية عاملة في العراق , أو التعامل مع حكومة السليمانية بأنّها الممثل الشرعي للشعب الكردي واعتبار حكومة أربيل فاقدة للشرعية