حجم النص
بقلم:سالم مشكور
الضجة التي أثارها موضوع بناء الأضرحة كانت ستمر لو كانت قد طرحت كرأي فردي أو جهوي لا شبهات حولها، لكن الطرح حمل مؤشرات تثير حفيظة الكثيرين من أنه بداية لنشر الفكر الوهابي الذي يكفّر أغلب المسلمين من دون أن يقتصر على الشيعة. وهل هناك مؤشر أوضح من طرحه بصيغة مكتوبة واحدة في أكثر من منطقة ومن قبل جماعة حولها الكثير من الشبهات بسبب أطروحات سابقة
مشابهة.
وبعيداً عن الحساسيَّة المذهبيَّة فإنَّ الدمار الذي شهدته دول إسلامية خلال عقود من الزمن، خصوصا خلال العقد الماضي، بسبب اتخاذ هذا الفكر أداة سياسية لمشاريع تدميريَّة، كفيلٌ بأن يحرّك كل هذا الاستنفار ضد أية مؤشرات على محاولات تغلغله في العراق من خلال فئة من داخل الأغلبية العقائديَّة في المجتمع العراقي.. صحيح أنَّ ردّة الفعل حفّزت المناعة الشعبيَّة ضد هذا الفكر لكن، ربما تكون إثارتها في هذا التوقيت بالذات مقصودة من جهات محرِّكة بهدف إشغال الشارع العراقي عموما والشيعي خصوصا.
بعيداً عن كل هذه التفاصيل، رغم أهميتها، إلّا أن ما لم يتم التطرّق إليه وسط كل هذا الانفعال هو: كيف يستطيع هكذا فكر سياسي بغلاف ديني أن يتغلغل في بيئة رافضة له ويكسب هذه الأعداد من
الأتباع.
فمن السهل تجنيد شخص ليكون رأس حربة في مشروع معين لكن كيف يمكن كسب أتباع له في بيئة رافضة له بشدة.
أرجو أن لا تقولوا إنّهم قلّة قليلة وإنّهم "فقاعة". فكثيرا ما أطلقت هذه التقييمات ضد مجموعات كانت بداية لمشكلة كبيرة وثمن مواجهتها
أكبر.
ليست هذه أول مرة يستخدم فيها هذا الفكر لاستهداف الساحة العراقية.
خلال التسعينات أطلق النظام المباد العنان للفكر الوهابي بالانتشار، ولكن في الوسط والجنوب فقط، حتى وصل الأمر الى بناء مسجد كبير لأتباع هذه الحركة في النجف، مدينة الحوزة الدينيَّة الشيعيَّة.
كان السلاح المستخدم هو المال في ظل أوضاع الحصار والجوع.
الى جانب المال، كان الجهل وقلة الوعي.
كلاهما شكّلا أرضية لانتشار ذلك الفكر قبل أن يبدأ النظام بقمعه بسبب تمدّده الى ساحات غير مطلوبة كالمنطقة
الغربية.
العوامل ذاتها، توفر البيئة الصالحة الآن لانتشار ذات الفكر، وربما هي بقايا ما انتشر خلال التسعينات ينهض من جديد مستغلا الفقر والجهل المتفشي في مناطق الوسط والجنوب خصوصا أطراف المدن الكبيرة.
من يسهم في ذلك؟. بالتأكيد، هو من يعمل على استمرار وترسيخ الفقر والجهل ليستخدمهما في تنفيذ مآربه، وهؤلاء أكثر من جهة، حتى لو كانت اتجاهاتها
متناقضة.
أقرأ ايضاً
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء
- قراءة في المنهاج الوزاري للحماية الاجتماعية ومكافحة الفقر
- تحسين المعدل.. نظام وحلم يتحطم بين مطرقة الوزارة وسندان الفقر