بقلم: أحمد جبار غرب
في الوقت الذي يجني فيه مسوقو النفط في البلدان المصدرة أموالا طائلة نتيجة ارتفاع الأسعار بسبب الحرب الأوكرانية الروسية وتداعياتها، يعاني العراق من التضخم وارتفاع الأسعار وازدياد نسبة الفقر نتيجة استحواذ الطبقة السياسية الفاسدة مقاليد الأمور في العراق، وما نتج من انهيار معيشي نتيجة تغيير سعر صرف الدولار بشكل عشوائي من دون أي تخطيط أو استحضار لواقع العراق وبيئته الاقتصادية، فكانت الكارثة كبيرة لا يمكن رتقها او إصلاحها، ويتحمّل وزير المالية ومحافظ البنك المركزي المسؤولية الكبرى في التلاعب الخطير بسعر الصرف كونه من صلاحياتهما، وإذا كانت هناك ضغوط سياسية مورست من أجل تغيير سعر الصرف فيجب أن تعلن وتسمى الأسماء بمسمياتها؛ لأنّها لا تمس مصير فئة أو طبقة أو أفراد، إنما تهم الشعب العراقي ومصير وطن وفقرائه، وكان يفترض أن نعيش في ظل (بحبوحة) وانتعاش اقتصادي ينعكس على حياتنا، لكننا نتراجع الى الوراء، ونظرة بسيطة للأسواق نلاحظ مدى ارتفاعها وازدياد حالة التضخم والكساد أيضا بسبب قلة المدخولات أو التي تم التلاعب من خلال تغيير سعر الصرف الذي مسّ رواتب الموظفين والمتقاعدين وكل موظفي الدولة العراقية وكل القطاعات الاقتصادية الفاعلة وانخفضت
بمقدار 30 %.
إنَّ أيَّ متابع بسيط أو مراقب للشأن الاقتصادي يلمس بوضوح مدى الانهيار في القدرة الشرائيّة للمواطن العراقي والزيادة في أعداد العاطلين عن العمل بفعل تقليص العمالة في القطاع الخاص نتيجة الإرباكات الاقتصادية التي حصلت ولم يستثمر السياسي العراقي ولا الاقتصادي العراقي الرسمي وفرة الأموال جراء تصاعد الأسعار، فلم يأخذ الفلاحون مستحقاتهم كونهم الذراع الاقتصادي الفاعل في الأمن الغذائي الذي يستطيع أن يردم الهوة التي خلّفتها وتيرة الأسعار، كذلك لم تتمكن القطاعات الهشّة من المواطنين من الاستفادة من هذه الوفرة المالية، اللهم إلّا عبر ترقيعات لاتغني ولاتسمن من جوع (المنحة) أو صدقات الحكومة!
كان ينبغي عند تعيين أي وزير يتبوّأ موقعا مهما وحساسا أن ينظر الى تاريخه وأن تستطرد الخبرة والألمعيّة واتّقاد الفكر الاقتصادي المبتكر، وأن يكون نافعا في مجال اختصاصه وليس ذا جاه وثريا وأكاديميّاً، فالأموال أينما تضعها تجلب أموالا في البنوك في الاستثمار، ونحن بلد ريعي اعتمادنا بالأساس على بيع النفط، كلما ارتفع سعر البرميل ارتفعت المدخولات أيضا، وأي محاولات لتفعيل القطاعات المهمة الزراعية والصناعية تمنى بالفشل؛ لأنها غير مكتملة النضج تعوزها النظرة الثاقبة واستشراف معالم المستقبل، وأن من قاموا بها تنقصهم المقدرة والكفاءة، فضلا عن وجود عوامل تأكل من جرف أي تطور أو بناء أو تقدم في المجال الاقتصادي، ومنها الفساد الذي يأكل الأخضر واليابس، فما من موازنة أقرت إلّا ونتفت أغلبها بفعل الفساد السياسي وهدر المال العام؛ بدليل أنهم يعجزون عن وضع الحسابات الختامية لعدم تبويب آليّات الصرف العام منذ أكثر من ١٩عاما، ونحن نعيش هذه الحالة وقد أبتلي الشعب العراقي بطبقة سياسة فاسدة وكاذبة تحاول تدمير الوطن وإذلال المواطن، تهيمن بقوة السلاح من خلال جماعاتها المسلحة، وكنّا نأمل خيرا في الانتخابات عسى أن تنتج لنا حلولا آنية ولو مبتسرة حتى استكمال مهامها وتثبيت وجودها بحكومة وطنية مهمتها إنقاذ الوطن من الخراب والتدمير، ولكن للأسف هناك صراع وسجال سياسي يحاول الهيمنة على مقدرات البلاد سواء كانت سياسية أو اقتصادية ولا نعلم مقدار الإصلاحات التي رفعتها كل القوى السياسية منذ أمد بعيد، واستحضرت الآن في هذه الانتخابات والى حين تشكيل الحكومة يبقى المواطن يلوك المعاناة والهموم ودفع ضريبة الفشل السياسي المحبط.