حجم النص
بقلم:د. محمد زوين
بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا اتضح المشهد للمراقبين من أنّ الخاسر الأول والأخير هو الشعب الأوكراني الذي سقط في مستنقع حرب لا يُعلم مداها .
الحرب التي حاولت أمريكا أن تجر إليها خصمها اللدود لاضعافه والانتقام منه.
بعد أن دعمت أمريكا صعود رئيس جمهورية موالي لها وبعد حملة مدروسة انخدع الشعب الأوكراني واختار من جلب لهم الخراب والدمار ، بعد أن أصر في خلال كل تلك الفترة على الانضمام لحلف الناتو .
وهكذا لم يجنِ الشعب الأوكراني من محاولته تلك سوى الخسارة والندم .
والسؤال الذي يطرح نفسه، هنا هل كان بالإمكان تجنيب البلاد لويلات الحرب مع المحافظة على مصلحة الشعب الأوكراني ؟
الجواب بالتالكيد نعم، من خلال المحافظة على الحياد وعدم الانحياز وترجيح مصلحة البلد والشعب وعدم الذوبان في أي مشروع آخر سواء روسي أو غربي.
على الرغم من صعوبة هذا الخيار لكنه الأسلم لمثل هكذا بلدان تتصارع عليها دول عظمى.
وفي أي لحظة يشعر فيها أي طرف بتهديد لمصالحه ونفوذه، سيتحرك بقوة للدفاع عنها وبالتالي يكون الشعب الأوكراني هو الضحية.
لم يلتفت الشعب الأوكراني لهذه المعادلة إلا بعد فوات الأوان بسبب غياب صوت العقل والحكمة في المجتمعات المادية التي تبحث عن المكتسبات المادية العاجلة وتغض النظر عن العواقب الوخيمة .
أما في العراق فالأمر مختلف كثيراً ، فبفضل الوعي الذي صنعه السيد السيستاني أصبح لدى الشعب قناعة أنّ نهوض العراق وبناءه يتوقف على جهود العراقيين أنفسهم والمحافظة على استقلاليتهم .
فلولا هذه المحاولات التي بذلها السيستاني خلال كل تلك السنوات، لكان العراق الآن ساحة حرب لتصفية الحسابات وحطباً لهذه الصراعات.
المعارضة الشديدة التي واجهها السيستاني لإحباط مشروعه وإفشاله بالتسقيط والنيل والاتهام وغيرها الكثير، كاف ليكشف حجم المشاريع المتصارعة في العراق .
الوعي الوطني الذي صنعه السيستاني في العراق جدير لان يعتبر من أكبر إنجازات ما بعد السقوط في صناعة الهوية الوطنية العراقية التي شوهها حزب البعث لعنة الله عليه.