بقلم: رعد العراقي
قد لا نبتأس حدّ اليأس، لأننا سنبقى نتمسّك بالأمل، وإن أحتلّ الحُزن مساحة كبيرة بين هواجس المُحبّين لكرة القدم العراقية على ما تمرّ به من أزمات فنيّة وانحسارغريب بالنتائج الإيجابية، فنحن ندرك أن ما يكتبه القدر من عطايا ونجاح تتناسب ومساحة العمل والاجتهاد والاخلاص الحقيقي.
العكس صحيح، فلا نرمي بالفشل إلى احضان الحظّ، ولا نخادع الذات بأوهام الطالع السيِّئ، بل نواجه الموقف بشجاعة ونقول أنّ السنوات الماضية ومنذ آخر إنجاز في عام 2007 تعدّدت أيدي القيادة، وتزاحمت المصالح، وتقطّعت أوصال المناصب بحراب سطوة العلاقات الشخصيّة، هي من رمت بنا لهذا الحال، فكنّا نسمع ضجيج الطحن لبناء مستقبل زاهر ونتحسّر على رؤية الطحين!
أقوالهم، ووعودهم الخادعة، عكستها خيبية أفعالهم، ولعلّ مشهد تهاوي الكرة العراقية من منصّة المجد والسيادة الى حضيض الفشل المُزمن وإنهيار الثقة بالنفس بدءاً من أروقة الاتحادات المتعاقبة التي باتت لا تدرك حجم وتاريخ الأسود حتى إنحدر مستوى تطلّعاتها لشكل وقيمة القيادة الفنيّة التي يمكن أن تتناسب وحجم المنتخب، فتكرّرت سقطات الاختيار لاسماء لا علاقة لها بالكفاءة، ولا بخطط التطوير، سوى كونها تحمل الجنسيّة الأجنبية!
نعم، آخر عقاب للدهر لنا هو أن يتصدّر بتروفيتش مشهد قيادة المنتخب الوطني، وجميعنا يعلم جيّداً حدود امكاناته ومحدوديّة تجاربه السابقة التي لا تتعدّى دور رجل الظلّ خلف سواتر المدرّبين، كشفته ارتباكه في المنطقة الفنيّة وطريقة توجيهه وردود أفعاله واستماعه المستمرّ لما يمليه كادره المساعد طيلة مباريات بطولة كأس العرب الأخيرة.
أين بتروفيتش الآن؟ سؤال يؤكّد ما ذهبنا اليه بأن الرجل لا يمكن أن يستشعر حجم المسؤولية والمهمّة التي تنتظره وتتوقّف عليها أحلام الجماهير، فليس من المنطق أن يحمل حقائبه ليلبّي نداء الاشتياق لأهله منذ انتهاء كأس العرب في الثامن عشر من كانون الأول 2021 تاركاً منتخباً مثقلاً بنتائج هزيلة، وروحيّة منكسره، وأذهان مشتّتة، ولاعبين لا يعلمون إن كانوا ضمن القائمة أم أنهم خارجها، ومدرّب مساعد تم إقصائه، ومعه سقطت له عين تراقب الدوري وتتقصّى عن المواهب، فمن قرّر أن يمنحه حريّة التصرّف وكيف تسرّبت لنفسه تلك الطمأنينة، إلا إذا كان رافعاً لراية الهزيمة بداخله أو أنه مكلّف بإنهاء عُقدة التصفيات كيفما شاء بعيداً عن النتائج!
وتستمرّ الآهات بالاستقصاء عن مواطن الخلل والبرود في التعامل مع إعداد المنتخب للمرحلة الحاسمة للتصفيات النهائية، برغم كثرة المناشدات والمقترحات التي طرحناها سابقاً للاسراع في إقامة معسكر تدريبي يحقّق عنصر الانسجام بين اللاعبين ويوفّر الوقت للكادر التدريبي لتطبيق خططه التكتيكيّة لمواجهة المنتخب الإيراني في الجولة السابعة، يوم الخميس، السابع والعشرين من كانون الثاني الجاري، في ملعب آزادي، بالعاصمة طهران، إلا أن الإصرار على غلق منافذ الاستماع والانصات لا تزال هي اللغة السائدة في نهج قيادة الاتحاد والمنتخب، بينما أختفت شخصيّات بعينها من اللجنة التنفيذيّة عن إبداء الاهتمام واتخاذ موقف يتدارك تداعيات إعداد المنتخب وتهيئته بشكل يناسب واستحقاقه القادم، وخاصّة النائب الأول علي جبار الذي لا نعلم ما يشغله في الخفاء وتفضيله الابتعاد عن الانظار من دون أن يكون له دور وقرار مؤثّر، وكذلك عضو اللجنة غانم عريبي الذي كُنّا نطمح أن يوظّف خبرته باتجاه المساهمة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن!
باختصار، التجارب السابقة التي فشل فيها منتخبنا الوطني في بلوغ نهائيات كأس العالم كانت ولا تزال تمثّل مقياس لاخفاق الاتحادات التي تعاقبت في حينها بكل الشخوص والمسمّيات، ولم تشفع لهم التبريرات، وإن كانت بعضها منطقيّة وهي من جعلت البعض يستمرّ في عمله وسط تذمّر الشارع الرياضي منه، إلا أن هذه التصفيات تكاد تكون الأسوأ على مدار التاريخ أداءً وإعدادً فنيّاً وكادراً تدريبيّاً لا يعرف الاستقرار أو الثبات على تشكيلة اللاعبين، وقد يكون من الذكاء أن يتمسّك القائمون على الاتحاد بفرصة البطاقة الثالثة كآخر أمل يمكن أن ينقذ مكانتهم الاعتباريّة، ويحافظوا على مناصبهم أمام غضب الجماهير المُنكسِرة، وبخلافه فلا حُجة قُصر فترة استلامهم للمهمّة ولا وعود التأهّل إلى كأس العالم 2030 ستشفع لهم إن خرج الأسود من التصفيات بخفي حنين!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!