بقلم: أ.د عامر حسن فياض
استخدام مصطلح الحكم الصالح منذ اكثر من عقد من الزمن تقريبا من قبل الامم المتحدة ومؤسساتها، لتقويم ممارسة السلطة السياسية في ادارة الشأن العام للمجتمع باتجاه التطوير والتنمية والتقدم وقد عرف بأنه (ذلك الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة وكوادر ادارية ملتزمة بتطوير موارد وقدرات المجتمع وبتقديم الخدمات للمواطنين، وبتحسين نوعية حياتهم ورفاهيتهم وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم).
وهذا يعني ان الحكم الصالح يعرف بدلالة (الحكم الديمقراطي الفعال) الذي يعتمد حسب البنك الدولي على مجموعة معايير ابرزها: (التمثيل، المشاركة، المنافسة، الشفافية، المساءلة والمحاسبة) او ربما معايير البرنامج الانمائي للأمم المتحدة المتمثلة بـ: (المشاركة، حكم القانون، الشفافية، حسن الاستجابة، المساواة، التوافق، الفعالية، المحاسبة، الرؤية الستراتيجية).
وتعتمد الأبعاد الفكرية السياسية لبناء الحكم الصالح عل التجسير المتفاعل لثلاثية (المواطن، المجتمع المدني، سلطة دستورية مدنية) وهذا التجسير المتفاعل هو القابلة المأذونة لحكم صالح يقوم على اساس الشرعية الديمقراطية والاخيرة (الشرعية الديمقراطية) تستند الى عنصرين هما: عنصر (الرضا والقبول) بالانتخاب وعنصر (المنجز) المتحقق من خلال التقدم في مسارين وهما مسار ضمان وتنظيم ومأسسة الحقوق والحريات لتمكين ممارستها ومسار تحقيق العدالة الاجتماعية بتجاوز افات الفقر والبطالة والفساد، عليه فإن خارطة التفكير السليم لبناء الحكم الصالح تفترض ما يفيد بأن (لا بناء لحكم صالح بدون الشرعية الديمقراطية) .
اما بصدد اللاعبين الاساسيين في فريق بناة الحكم الصالح القائم على الشرعية الديمقراطية فأنهم يتمثلون بـ: الفرد المتحول الى مواطن، الجماعات المتحولة الى مؤسسات مجتمع مدني، السلطة المتحولة من سلطة كيان سياسي الى سلطة دولة دستورية مدنية.
فكيف ننتقل بالأفراد في العراق من رعايا الى مواطنين؟ وكيف ننتقل بالجماعات التقليدية المتنوعة قوميا ومذهبيا واجتماعيا الى مؤسسات مجتمع مدني متنوعة مهنيا وسياسيا؟ وكيف ننتقل بالسلطة العراقية في العراق من سلطة كيان سياسي الى سلطة دولة دستورية مدنية؟.
هنا نحتاج الى كيفيات تحتضن مجموعة اليات وسياسات واجراءات وتلك الكيفيات تتخلص بما يأتي:
الكيفية السياسية وصولا الى مرحلة التحول الديمقراطي عبر مواصلة التعامل بالاليات الديمقراطية (الالتزام بالدستور، الانتخابات، التعددية السياسية بشقيها "التعددية الحزبية وتعددية الرأي"، استقلال القضاء، التداول السلمي للسلطة، ضمان الحقوق والحريات بالدستور وتنظيمها بالقوانين وتمكين ممارستها بالمؤسسات).
الكيفية الاقتصادية وصولا الى تحقيق العدالة الاجتماعية بالاقتصاد المتوازن والمستقر وبالتنمية المستدامة التي تناهض الفقر والبطالة والفساد.
الكيفية الاجتماعية وصولا الى التوازنات الاجتماعية بتسوية التعارضات الاجتماعية من خلال نمو وتنمية الفئات الوسطى الواسعة والمستنيرة والميسورة.
الكيفية الثقافية وصولا الى سيادة ثقافة المساهمة على حساب ثقافة الخضوع والثقافة التقليدية عبر اليات تعزيز النزعات الفردية والعقلانية والعلمانية.
وهكذا اذا حددنا الكيفيات ووصلنا الى الفريق الثلاثي الباني للحكم الصالح (المواطن والمجتمع المدني وسلطة الدولة الدستورية المدنية) عندها سنغادر أداءات الحكم غير المستقرة (اداء الحكومات الملكية في العراق) والمنفعلة (اداء الحكم الجمهوري القاسمي) والضعيفة (اداء الحكم الجمهوري العارفي)، والشمولية القمعية القاسية والفاسدة (اداء الحكم الصدامي) والمضطربة المخيبة للامال (اداء حكومات ما بعد 2003).
أقرأ ايضاً
- مقابلات المرجعية الدينية الشريفة...رسائل اجتماعية بالغة الحكمة
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الاول