- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عندما تقاد الخسارة والهزيمة بانتظام
بقلم: عبد الحليم الرهيمي
بعد إعلان امبراطور اليابان (هيرو هيتو) في 15 آب 1945 قراره بحسم تردد بعض قادته العسكريين والسياسيين القبول بشروط الحلفاء، لوقف الحرب وعدم تدمير اليابان بالاعلان، الذي صدر عنهم في (بوتسدام) بتاريخ 26 تموز 1945 ذهب وزير الدفاع المتشدد (كوريتيشكا أنامي) الى وزارته وهو طائع على مضض لقرار الامبراطور، حيث نسب اليه القول آنذاك انه (تذكر حكمة قديمة تقول: إن الجنرال الجيد هو الذي يقود الهزيمة بانتظام)!
هذه الحكمة لفتتني وانا اقرأ كتاب (اطول يوم في تاريخ اليابان)، الذي اصدرته دار المدى ترجمته العربية مؤخراً، والصادر أساساً عن (معهد دراسات حرب الباسفيك)، فضلاً عن افكار وحكم اخرى تضمنها الكتاب.
ففي ذلك اليوم العصيب على اليابانيين كان صعباً على الجنرال الذي يحقق الانتصارات في الحروب ان يتجرع كأس الهزيمة المر ويزيد عليها، لذلك كان عليه ان يتراجع ويقود جحافل الستة ملايين جندي ياباني وتجريدهم من السلاح بأوامر الحلفاء، لكن تحقيق ذلك (بانتظم) اشترطه على نفسه (كجنرال جيد).
وبالطبع فإن تبنيه للحكمة القديمة تلك انما كانت تعني عدم الرعب والفزع وخلق الفوضى والارتباك مما يزيد الهزيمة والخسارة تكاليف وخسائر اكبر، و(كجنرال جيد) عليه الحفاظ على ما تبقى عليه كذلك لان يقف ويستقصي الوقائع والاحداث والمواقف، التي ادت الى هزيمة اليابان وخسارتها الحرب والاستفادة من دروسها وعبرها، حتى يتمكن الجيل التالي من القادة العسكريين والسياسيين الاستفادة منها، وهو يأمل، كما معظم اليابانيين انهم قادرون على تعويض ما لحق بهم من خسائر ودمار واعادة بناء اليابان ولو بعد سنوات.
درس (الحكمة القديمة) التي تبناها الجنرال أنامي هي درس ايضاً لزملائه القادة العسكريين وللسياسيين، وكذلك درس، لمن يريد ان يستفيد من القادة العسكريين والسياسيين في العالم، فحين تلحق هزيمة او خسارة عسكرية او سياسية ببلد او بجماعات وكيانات سياسية، عليها اجراء مثل تلك المراجعة والتراجع بانتظام والبحث عن الوقائع الحقيقية، وليس افتراض اسباب تبريرية وغير واقعية للخسارة، او القاء اللوم على الآخرين، مما يفاقم من نتائج الهزيمة والخسارة بتكاليف اكبر واشد.