يعد الحديث بمسائل انتشار الإسلام ومستقبل المسلمين من الأمور المهمة ولاسيما المتعلقة في القارة الأوربية لما تشهده من صراعات متكررة وتداعيات تستحق الوقوف عندها ومنها كيف هي حياة المسلمين في الغرب ومالذي يواجهوه، وما الذي حققوه وهلٍ كونوا لهم قوة وما حقيقة الخلافات التي تدور حول حجاب المرأة هناك،كلها أسئلة تطرح على الداعية الإسلامي الدكتور عدلي أبو حجر معاون الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأوربي ورئيس مجلس المثقفين في اسكندينافيا، فلسطيني الجنسية ويعيش في السويد وهو عضو في المجلس المحلي لمدينة مالمو السويدية وعضو برلمان الولاية فيها.
نون: كيف هي حياة المسلمين في القارة الأوربية،هل اندمجوا في المجتمعات الغربية وضاعت هويتهم أم ظلوا منعزلين عنها مكونين لأنفسهم قوة ترعى مصالحهم وتدافع عن قيمهم وتقاليدهم وأعرافهم الاجتماعية والإنسانية وعقائدهم ؟
*الوجود الإسلامي في أوربا قديم جداً هناك المسلمون الأصليون من أوربا والمهاجرون والأجيال المسلمة الأخرى التي ولدت في أوربا وتقدر بالملايين،لا يمكننا الحديث عن فئة المسلمين الجدد او العمال لأنهم بحاجة للوقت من اجل الاندماج،ولكن لو نظرنا الى الأجيال التي ولدت في أوربا فهي مندمجة وتعمل في مجالات مختلفة في المجتمع الأوربي ونحاول ان نحصن ونحافظ على هذا الاندماج كونه من الايجابيات التي حققها الانسان المسلم بثقافته مع المجتمع الجديد ليستفيد منه ويفيد نفسه بما كسبه من ثقافة تنفعه،كما ولدينا المندثرين والذائبين معهم وهناك المتقوقعين على أنفسهم وكذلك من ذكرناهم وهم المندمجون وهم جيدون في كافة مجالات العمل والتعليم ولكن في مجال السياسة هم بحاجة الى مزيد من الجهد والعمل.\"
نون:هل المسلمين في أوربا استطاعوا أن يصنعوا أداة ضغط اقتصادية او سياسية لرعاية مصالحهم وبقائهم في المجتمع الأوربي؟
* هناك الكثير من المشاكل في جوانب العمل الاقتصادي فلو أخذنا المسلمين الذين هم من خارج البلاد الأوربية فان لهم استثمارات ضخمة جداً تقدر بالمليارات ولكن المسلمين الذي يعيشون في الغرب ألان لديهم مؤسسات ونقابات يشرفون عليها يمكن أن نقول أنها تؤثر اقتصادياً في المجالات الاستهلاكية فقط والاهم من هذا كله هو اللوبي السياسي الذي بدأنا به في السويد،مثلاً لدينا أشخاص في البرلمان الأوربي،وبصفتي عضواُ في المجلس المحلي في مدينة مالموا السويدية فقد عملنا مؤتمراُ للمسلمين السياسيين بالتعاون مع حكومة أمستردام في السويد ومنظمة المؤتمر الإسلامي للاتحاد الأوربي وبمشاركة 25 دولة أوربية وكان هناك الكثير منهم أعضاء بالمجالس المحلية والبلدية والبرلمان وغيرها.\"
نون:ما طبيعة العلاقة بينكم كمسلمين شرقيين مهاجرين الى البلاد الأوربية وبين الذين دخلوا الإسلام في أوربا،وهل استطعتم من إضافة شيء لهم مقابل ذلك وهل استفدتم من وجودهم معكم؟
*ان الموجودين في المؤتمر الإسلامي يمثلون نموذجاً لكل المسلمين بكل أعراقهم واختلافاتهم المذهبية سواء من الأوربيين الجدد أو الشباب المسلم لذلك نحن كمسلمين نشكل النسيج المسلم في أوربا ونتعاون في هذا،أما الأوربيين الذين اسلموا لهم توجهاتهم الدينية المختلفة ترى منهم المتصوفين والاكادميين والمتعلمين وهذا بسبب تجانسهم مع المسلمين وتنوعهم،وهذا التنوع موجود لدى المسلمين أنفسهم والذين هم تواجدوا في أوربا وهي إشكالية نعمل على تغييرها من خلال أعطاء صورة للمسلم في أن يعيش كمسلم وسط الثقافات الأوربية.\"
نون:كمساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأوربي مادور هذه المنظمات والمؤسسات في قضايا الدعوة والتبليغ الإسلامي في أوربا ؟
[img]pictures/2011/04_11/more1302852472_1.jpg[/img][br]
*عندما أنشئت هذه المنظمات أريد منها عدة أهداف أولها أن تكون هذه المنظمات هي للمؤتمرات الإسلامية أي الممثل الشرعي للمسلمين في كل أوربا وان تدافع عن حقوقهم الإنسانية وتطالب بحقوقهم الأوربية وان تدافع عن الإسلام الذي هو عرضة للعديد من الأطراف،والجانب الأخر هو أن نعمل على مساعدة وتحسين أحوال المسلمين بشكل أو بآخر المتعلقة بوضع المرأة والشباب والآسرة اللاجئة الجديدة لان عدد الأسر المسلمة الموجودة في أوربا تقدر بـ(55) مليون مسلم،وهم من مسؤولية المنظمة التي هي تمويلها ذاتي وغير حكومي.\"
نون:البرامج التبليغية والدعوية التي تقام في المنظمة او غيرها من المراكز ماهي وهل لاقت إقبالا واستجابة من قبل المجتمع الأوربي؟
*هناك مؤتمرات تعقد داخل مؤسسات اتحاد البرلمان الأوربي يقدم الإسلام من خلالها عبر حوار مع السياسيين الغربيين،وهناك مؤتمرات سياسية تجمع المسلمين السياسيين حتى تعطيهم صورة واضحة في كيفية الدفاع عن المسلمين وحقوقهم في أوربا،كما ولدينا المجلس الأوربي للائمة والمرشدات الدينيات والذي عقد له ثلاث مؤتمرات في فينا بالتعاون مع الحكومة النمساوية لتحسين أداء الأمام الذي يعد عنصر أساسي وله دور في أعطاء المعلومة الصحيحة والابتعاد عن الفتاوى التي تسيء للإسلام والمسلمين بحسن النية او غير ذلك.\"
نون:ما المعوقات والتحديات التي تواجه العمل ألتبليغي في أوربا كون المجتمع مختلف في الثقافات والتقاليد،وكيف تقيمون الدخول لدين الله في أوربا ؟
* أهم ثلاث عقبات هي الصورة الغير جيدة التي تأتينا من بعض العواصم الإسلامية والمتعلقة بالقتل والإرهاب وهي ذات تأثير واضح وبالغ،وهناك بعض المسلمين الذي يحملون اسم الإسلام ويمارسون السلوكيات الخارجة عنه كالقتل والسرقة والمخدرات وغيرها،وكذلك الإعلام الغربي الذي في كثير من الأحيان يحاول تشويه صورة الإسلام بحجة الإثارة والتي يستغلها الكثير من أصحاب العنصرية لمهاجمة الإسلام والذي نعمل على مواجهته من خلال تربية أبناء المسلمين والتواصل مع العالم الإسلامي لتحسين صورة الإسلام تحت قول(اتقوا الله في دين الله) وهذا كله من خلال النشاط الإسلامي والذي هو في تقدم مستمر، كما ولدينا الكثير من المؤرخين والأكاديميين الذين دخلوا الدين الإسلامي من خلال نشاطات تقام وبشكل مستمر ومنهم الفيلسوف والكاتب السويدي(هوكن لارسن) الذي حضر دورة عن الإسلام وبعدها التحق بالمسلمين وكان مصاباً بمرض معين وان موعد وفاته كان قريب فقد التزم الإسلام حينها وقرأ القرآن وهو حي ألان بفضل القران الذي هو شفاء للصدور،وهناك الكثير من الملتحقين بالإسلام وهم في مراكز سياسية واقتصادية وأكاديمية متقدمة ولكنهم لا يظهرون الإسلام علنا ً ويقومون بخدمة الإسلام حتى يومنا هذا.\"
نون:هل استطعتم أن تستثمروا علاقتكم بالمسلمين الجدد كونهم في مراكز متقدمة لمساعدتكم في تفعيل الوجود في القارة الأوربية ؟
* بالرغم من أن المسلمين أمام ماكينة من الأعلام المعادي واللوبي السياسي المعادي أيضا الذي تقف وراءه وسائل أعلام كثيرة وإمكانات مالية كبيرة إلا انك تجد الإسلام يتقدم وهذا بسبب ان المسلمين الجدد من الاكاديمين والسياسيين والمفكرين يتعاملون معهم بالأسلوب الموضوعي لكي يستطيعوا أن يقدموا خدماتهم وبشكل أوسع وأكثر شمولية واستمرارية وان الإنسان المثقف الأوربي يستهوي وضوح الجانب الفكري في الإسلام،أما المفكرين والفلاسفة فان الحوار معهم هو أهم شيء يتم التعامل فيه معهم فعندما نقدم مفهوم الإسلام الجديد الذي نطرحه لغير المسلمين بقولنا أنكم أخوة لنا في الإنسانية وللمسيحيين أخوة في الإسلام والإيمان على عكس المفهوم السائد الذي يكفّر الإسلام وليحببنا لهم كونه مدخل للإسلام ومفهوم أنساني وقرآني يتناقض مع ما يطرحه المتشددون الذي يحاولون أن يصنعوا ضجة في صفوف المسلمين ذاتهم والمجتمعات الغربية، أما عامة الناس فالناحية الاجتماعية هي محل تأثير فيهم لدرجة ان البعض من عوام الناس يتأثر بالنظام الاجتماعي والحياة الأسرية،وان عملية الترابط الأسري الموجودة في الإسلام هي البديل لما لديهم من تفكك اسري وهو مؤثر جداً.\"
نون:ما حصة المرأة من الحقوق الإسلامية في أوربا وكيف ينظر لها الأوربيون كونها مرآة مسلمة في مجتمع أوربي؟
* هناك مساواة شبه كاملة في المجتمع الغربي وان كانت نظرية ولكنها موجودة ولكن هناك عادات وتقاليد انتقلت مع المهاجرين وهي متعلقة بالمرأة تسيء للإسلام ومنها مسألة ضرب المرأة وعدم السماح لها بالتعليم ولباسها الذي هو محل نقاش واسع آذ نحاول أن نفرق لهم بين العادة والعبادة فالاحتشام لدينا هو عبادة وضروري سواء كان للرجل أو للمرأة ولباس التقوى هو خير لباس للمرأة وندعوهم الى ان يبتعدوا عن البرقع(الخمار) كونه عادة وهي تسيء للإسلام بسبب المنتفعين والمسيئين الذي يتخفون وراءه ويرمونه للإسلام وان الهدف من وراء منع البرقع هو لنبرهن لهم اننا بعيدين عن كل من يحاول ان يشوه الإسلام ويعرضه للخطر وهي من مسؤولية الجميع.\"
نون:غالباً ما تثار مسألة الحجاب من قبل وسائل الأعلام العربية والغربية وصدور قوانين تحضر الحجاب في كثير من البلدان أمثال فرنسا واسبانيا من يقف وراءها ؟
* هناك فرق بين الحجاب الشرعي والنقاب، أن الحجاب الشرعي مسموح به في كل البلدان الأوربية سواءُ في المدارس أو المؤسسات ومنها فرنسا التي عملت على منعه مدة قليلة جداً وهي مدة الانتخابات الفرنسية وهم ألان بصدد مراجعة القضية والدليل لدينا عضو في البرلمان الدنماركي(أسماء عبد الحميد) وتمارس عملها بحجابها، ولكن نحن بصدد منع تشويه صورة المسلمين كما نعمل على عدم المساس بثوابت الإسلام من قبل أعداء الإسلام الذين هم في الأحزاب العنصرية،لآن الثوابت الإسلامية لا يجب المساس بها وهذا بحسب حقوق الإنسان والقوانين الأوربية عامة وقانون الأقليات الدينية والعرقية والتي هي مكفولة دستورياً وقانونياً وانه بإمكان كل امرأة ترتدي الحجاب الشرعي أن تمارس عملها وبإمكانها أن تدخل البرلمان وتصبح مسؤولة رفيعة المستوى أيضا.\"
نون:وفق النظرة الغربية للإسلام والحجاب وبوجود العنصريين بحسب وصفكم كيف تعاملتم مع اتهامات كثيرة للإسلام وهي التخلف والرجعية وماذا حققتم ؟
*ان ما قدمناه من علاج لهكذا اتهامات هي علاجات راسخة وواضحة من خلال اندماجنا فيما بيننا مع السويديون، بسبب وجودنا بالأحزاب العاملة و مع السياسيين لان من يصنع القرارات والقوانين في الغرب هي أحزاب وبرامج وبرلمان وانه من خلال العلاقة مع السياسيين وتعامل المسلم الايجابي استطعنا ان نتغير للأفضل وهذا على خلاف الأحزاب العنصرية التي تحاول أن تبث القلق والذعر،وهو ماعملنا على منعه ولمرات عديدة، أما في الدنمارك فان العلاج لديهم هو عبر المظاهرات التي قليلاً ما يتحقق من خلالها الأمر المطلوب.\"
نون:كيف ينظر الأوربيون للإسلام اليوم كديانة يعتنقها الملايين من البشر وأصبحت في بعض الطروحات العنصرية على أن الإسلام زائر يجتاح البلاد وهو غير مرغوب فيه؟
* أن الإسلام رغم الشبهات الكثيرة والعداء يتقدم وان المسلمين الجدد والأصدقاء من غير المسلمين والأوربيين ينصحوننا كثيراً في ان نبتعد عن الشعارات الإسلامية لان الشعارات أصبحت موضع استغلال من قبل المتطرفين فعمدنا على أتباع الجوهر الأساسي للدين الإسلامي لتقديم الخير المنشود للإسلام للكل بدون تفرقة لان الإسلام المحبة والسلام وهو ما شاهدوه من قبل المسلمين العقلاء.\"
نون:كيف تقرأ مستقبل الإسلام والمسلمين بالقارة الأوربية ؟
* سنرى الإسلام العملي الذي أراده الله تعالى ورسوله الكريم يأتي من الغرب الى الدول الإسلامية وهو طموحنا وأملنا، وهذا ما نلمسه من خلال إقبال الغربيين نحو الإسلام ومن خلال ما يتم نفاذه من المكتبات الخاصة المحتوية على كتب الإسلام من ترجمات قرآنية وكتب إسلامية أخرى منوعة،على الرغم من الصعوبات والتحديات والشائعات والشبهات الكثيرة ومنها التي كانت للهولندي الذي نادى بعدم إدخال القرآن للمجتمع الأوربي وتشبيهه بـ(كتاب الكفاح) لهتلر، كما وان الإسلام في تقدم مستمر لان الإعمال الشيطانية تشجع الناس على البحث حول دين حقيقي عادل موجود وهناك الكثير ممن حاولوا أن يشككوا بالقران والإسلام تجدهم في الأخر أصبحوا مسلمين لان الطرح الفكري هو السبيل الوحيد وهو مستند على قوة الإسلام وعزته، علينا أن نكون مسلمين على قدر فكر ووضوح الإسلام وان نرتقي للإسلام لنكون دعاة حقيقيين.\"
حاوره / صفاء السعدي
أقرأ ايضاً
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- وزير الداخلية: لا وجود لمصانع المخدرات في العراق وحدودنا مع سوريا مؤمنة بنسبة 95 بالمئة
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)