- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التخلي عن العادات في شهر رمضان
بقلم: حسن كاظم الفتال
ما أن ترتحل شمسُ اليومِ الأخيرِ من شهر شعبان المعظم وتبتسمَ السماءُ ليطل علينا شهر رمضان المبارك شهر الخير والبركة والرحمة والمغفرة يستقبله الناس بصيغة المتشوق الملهوف الذي أوشك أن ينفدَ صبرُه لأنه شهرُ الخير والبركات وشهر الطاعة والغفران، شهر الفيوضات الإلهية، شهر الروحانية الحقيقية النقية شهر السياحة في رحاب الحرية الإنسانية إذ أن الفرد الملتزمَ بمحكمات هذا الشهر الكريم يتحررُ من ذاته ومن قيود ملذاته وشهواته ويتقيدُ بالأوامر الإلهية التي تثبت حريتَه من أغلال الموبقات وعبوديتَه الخالصةَ لله.
يتسربل النور إلى القلوب وينساب إليها إنسيابا رقيقا فيزيل ظلماتِها ويغمرها فتبيض وتتوسع مساحة البياض حتى لا يبقى أيُ مجال لأية نقطة سوداءَ في القلب. فالنقط السود أحيانا تنتجها الغفلة والإبتعاد عن سبيل الطاعة والإمتثال لأوامر النفس الأمارة بالسوء لا سمح الله وأحيانا يسود القلبَ الحقدُ والكراهية وعدمُ الرغبة في التوادد والتحابب مع الناس والتعاونِ وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ـ المائدة / 2
فإن العمل بكل ما فيه من البر والتقوى يزيل سوادَ القلب ويُجليه ولا يبقى فيه إلا البياض الناصع الذي يؤهله أن يكون وعاء للخير والتقوى ليس إلا.
هذا الشهر ينقي الكثير من النفوس ويبعد عنها الزيغ والدرن ويزكي الأرواح ويصلح الأخلاق . ويكفي أن يتذكر الفرد الصائم إذا غضب أو إذا رغب في أن يرتكب أي خطأ أو معصية فما أن يتذكر بأنه صائم حتى يتوقف في محطة الصبر ويمتنع عن ارتكاب الخطأ وهو يقول اللهم إني صائم.
تطهير النفوس وتنقية القلوب
مرور هذا الشهر الكريم يترك آثاراً إيجابية كثيرة ومنها نفسية كبيرة يخلقها أو يتركها شهر رمضان على المجتمع والفرد. لذا نجد أن معظم الناس إن لم نقل جميعَهم تنعكس عليهم الآثار الإيجابيةُ والأبعاد المعنوية لهذا الشهر وتظهر في سلوكياتهم وتصرفاتهم وحتى إنطباعاتهم فيبدون وهم يتعاطون مع كل الأشياء بخلاف صيغ ونمط تعاملهم في الأيام الإعتيادية خارج شهر رمضان المبارك.
فكم نجد من الناس من يتخلى عن عاداته وطباعه مما يعدها المجتمع غيرَ مقبولة أو غير مرضية أو مضرة أو ربما غير محببة وهكذا. وحتى لو التزم بها الفرد خارج شهر رمضان فإنه سيتخلى عنها في الشهر الفضيل ولو تجاوزنا عن عادات كثيرة نقف على سبيل المثال لا الحصر عند عادة التدخين إن صح أن نسميها عادة وإن صح أن نعدها مضرة فإن المجتمعات والأفراد يعدون التدخين عادة سيئة وحتى بعض المدخنين أنفسهم ولكنهم يتمسكون بها إنما ما أن يقدم شهر رمضان المبارك حتى يتخلوا عنها.
وهناك عادات واستخدامات وممارسات كثيرة لا سبيل إلى ذكرها أيضا يتخلى البعض عنها وينحاز إلى ما يميل له العامة والعرف الاجتماعي ويبدو أن طريق العبادة في هذا الشهر الفضيل يكون أكثر صفاء ونقاء وبهاء لذا يسهل على الكثيرين سلوكه وكم سلك البعض هذا الطريق وواظبوا على سلوكه واستخدامه حتى بعد إنتهاء الشهر والبعض الآخر عكس ذلك ما أن يتم اليوم الأخير من الشهر حتى يتخلى عن التزاماته ويعود ليمارس ممارساته ويتصرف وكأنه شخص آخر إنسلخ من شخصيته الرمضانية.
هذا النمط يُعد من الداخلين إلى المدرسة الرمضانية العظيمة والخارجين منها دون إحراز أي نتيجة أو منفعة وربما بخسارة.
شهر رمضان فرصة لترويض النفس الأمارة بالسوء ولتهذيبها وفرصة لإختبار الإرادة والعزيمة وفرصة أيضا لدخول معترك مع الملذات والشهوات والإنتصار على كل شر وعلى مقاومة ابليس وهوى النفس ومغريات الدنيا ومن كل الأعداء والمرديات التي تودي بالمرء إلى الهلاك وكما يقول القائل:
(إبليس والدنيا ونفسي والهوى .. كيف الخلاص وكلهم أعدائي).
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي