- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فنطازيا الموازنة العامة للدولة .. في العراق الفنطازي
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
لديّ أسئلةٌ رئيسة الآن .. بعد إنْ خمدَ دويّ "المدافع السياسيّة"، وتصالحَ "المتحاربونَ" في جميع الجبهات ، وبدأوا في تشارك "القصعة" ، وعادوا أصدقاء و" أحباب"، كما كانوا قبل كلّ إعدادٍ ومناقشةٍ ومُصادقةٍ وتشريعٍ ، لقانون الموازنة العامة للعراق "الفيدرالي" ، منذ عام 2003 ، إلى عام 2021.. وهذه الأسئلة هي:
- أين هو "الإصلاح" الإقتصادي– المالي"الموعود" والمنشود" و "المُستهدَف" في هذه الموازنة؟
- بماذا تختلف هذه الموازنة(كمنهجية اعداد)عن جميع الموازنات العامة منذ تأسيس "الدولة" العراقية قبل مائة عام ، وإلى هذه اللحظة؟
- أين هي "شعارات" و "هتافات" وأهداف وتوجّهات "الورقة البيضاء" العظيمة ؟
ما حدث هو أنّ"كاتب السيناريو" في هذه المسرحيّة ، لم يكن مسموحاً له أن يتلاعب بـ"النصّ الأصلي" لـ "المؤلّف" .. وأنَ "المُخرج" قد بذل جهداً هائلاً لتضمين وحشرِ كلّ شيءٍ فيها ، بما في ذلك عددٌ هائلً من "الكومبارس" الفائضين عن الحاجة .. بعدها جاء "الممثّلون" ليؤدوا ادوارهم ببراعة ، يحسدهم عليها حتّى "السير" أنطونيو هوبكنز ، في فلمه الملحميّ الأخير THE FATHER.
أمّا "المُستفيدونَ" ، و "اصحاب المصلحة" ، و "الشركاء" الحقيقيون في "وليمة" الموازنة ، فقد اتّفقوا أخيراً على تقاسم "الحصص" و "المغانم" ، وهذا هو الهدف الرئيس من كلّ الصخب ، والتهويل ، وإعلان "التعبئة العامّة" ، بل وحتّى "إعلان الحرب" قبل وأثناء وبعد "مأتم" الموازنة ، الذي انتهى لـ "العرس" الإحتفالي الذي نحنُ فيهِ الآن.
سيضحكُ الانَ كثيراً ، وطويلاً ، كُلّ المشاركين في تنظيم هذه "الحفلة".
وحدهم "المُتفرّجون" هم الخاسرون الوحيدون والمضحوك عليهم في هذا "الكرنفال" الكابوسي ، وهذه الفنطازيا الإقتصاديّة العراقيّة المُسمّاة "الموازنة العامة للدولة".
وأخيراً ... إلى ماذا وصلنا في نهاية المطاف ، بعد كُلّ التحضيرات التي تمّ انجازها(بجهدٍ إعلاميٍّ غير مسبوق) ، لكي ينتهي "عُرس" الورقة البيضاء" الباذخ، بأفضل"الإستعراضات" و"التاثيرات" الممكنة ؟ لقد نجح "الطاقم" بكلّ عناوينه ومفرداته ، في "استثمار" "موسم" الموازنة العامة ، الذي يصلحُ لزراعة كلّ شيء وقطاف كلّ شيء ، لإنجاز "فيلم" الموازنة العامة المُبهِر ، الذي أرادوا لهُ أن يكونَ طويلاً ، ومُثيراً ، حتّى الثواني الأخيرة بعد منتصف الليل؟
و أخيراً .. نحنُ العراقيّون "المساكينَ" جميعاً ، لم نصل إلى شيء ، ولم نحصل على شيء ، ولن نحصل على شيء.
بدأتء الموازنة بكلّ شيء .. وانتهتْ إلى لا شيء.
لقد كرّستْ هذه الموازنة "الخاصّة" ، كسابقاتها ، تقاليد وأعراف و "سُنَن" تقاسم الحصص والمغانم، وقنّنتْ (إلى حين) وسائل الصراع على السلطة والثروة ، بين الأطراف و "القوى" الحاكمة والمُتحكّمة ، والمُتنفّذة والمؤثّرة في هذا البلد.
وقدّمتْ "مناقشات" هذه الموازنة الدليلَ تلو الدليل، على أنّنا لا نقومُ فقط باستعراض هذا "الهراء الإقتصادي" السنويّ، ونثرهِ فوق رؤوسِ الناسِ (وخاصةً الفقراء ، والبسطاء منهم)، بل أنّنا نقومُ بإنتاجهِ كُلّ يوم .. وإعادةِ إنتاجه أيضاً.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!