- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ديبلوماسية البحث عن حلول للأزمات الإقليمية
بقلم: محمد صالح صدقيان
حدثان كبيران يتركان بصماتهما على التطورات الدولية والاقليمية. جائحة كورونا وتأثيراتها وانعكاساتها على المستويات المختلفة الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ وفوز الرئيس جوزيف بايدن في انتخابات الرئاسة الامريكية، وما رافقه من تداعيات إن في الداخل الامريكي او على مجمل التطورات الدولية على خلفية السياسة الخارجية، المختلفة عن سابقتها، التي بشرت بها ادارة بايدن.
هاذان الحدثان يتفاعلان بشكل متسارع على هذه التطورات على الرغم من عدم استكمال مدة المائة يوم لتسلم الرئيس بايدن مفاتيح البيت الابيض.
تسارع الاحداث والتطورات يدل على ان المشهد الدولي والاقليمي استبق فريق بايدن في بدء تحركات ومشاورات لخلق ارضية التعاطي مع أية تطورات جديدة تبدأها الادارة الامريكية. ما جعل اهمية لهذه التحركات والمشاورات؛ الاخطاء الكثيرة التي وقعت فيها ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب؛ الامر الذي يجعل الجميع يشد الاحزمة للتعويض عن الاخفاقات التي شهدتها المرحلة الماضية والتهيوء لمرحلة لا يريد دفع المزيد من الضرائب، يقينا منه ان مرحلة بايدن وإن كانت في صورتها الاولى ذات «سياسة ناعمة»، لكنها «قد» تكون شرسة بسبب مشاكلها الداخلية التي لا تنتهي بوجود الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يتربص ببايدن الدوائر.
الجولة التي بدأها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في المنطقة الخليجية لم تكن جولة عابرة لا من حيث التوقيت ولا من حيث الاهداف. انها جاءت قبل ان تُشرع ادارة بايدن في خطتها للشرق الاوسط، وبذلك هو اراد ان يُرتب الاوراق المتناثرة وفق الرؤية الروسية. هذه الجولة تزامنت ايضا مع الدعوة التي وجهتها وزارة الخارجية الروسية لوفد من حزب الله اللبناني لزيارة موسكو «لبحث القضايا الداخلية اللبنانية والتطورات الاقليمية».
واذا ما اردنا ان نشبك رسالة المرشد الايراني آية الله علي خامنئي الموجهة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي ارسلها بيد رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف نهاية الشهر الماضي بهذا التحرك فاننا سنكون امام مشهد مختلف لم تشهده المنطقة حتى عندما اراد الرئيس ترامب تجميع الاوراق لخلق بيئة «صفقة القرن».
الفارق ان جهود المصالحة التي حملها لافروف تهم الجميع الذي يتطلع الى ظروف افضل مما كانت في المرحلة السابقة، والتي «قد» تساهم في تعزيز فرص الامن والاستقرار في هذه المنطقة التي «احتفلت» بالذكرى العاشرة للازمة السورية.
الامر اللافت ان سكوتا يحمل دلالات من قبل الاوربيين ومن قبل الامريكيين ايضا رافق الجولة الروسية وما رافقتها من وجهات نظر بشان الملفات الاقليمية الساخنة التي كانت في المرحلة السابقة في الحضن الامريكي بشكل او بآخر حيث تكفل الثلاثي مايك بومبيو؛ وجون بولتون؛ وجاريد كوشنير بهذه الملفات التي فصلوها مع نتن ياهو لتكون على مقاساتهم دون السماح لغيرهم حتى دول المنطقة من المساهمة في صياغة الافكار او الاطلاع عليها التي هي في «اضعف الايمان».
روسيا تُدرك ان الشرارة السورية التي اشعلت منطقة الشرق الاوسط قبل 10 اعوام يجب ان تبدأ بها من اجل اعادة ترتيب الاوراق، ولذلك ركز الوزير لافروف على وضع سوريا على راس جدول اعماله في الدول التي زارها قطر والامارات والسعودية؛ دون ان يُخفي ايصال رسالة موسكو لهذه الدول برغبتها في ايجاد مقاربة ايرانية سورية من جهة وخليجية من جهة اخرى.
الظروف لم تتضح بعد لتحقيق خروقات في هذا المجال؛ لكن الاستنفار الدبلوماسي الروسي الحاصل حاليا هو جزء من مسعى لعودة سوريا للصف العربي منذ تجميد عضويتها في الجامعة العربية في تشرين الاول /اكتوبر 2011 وإنهاء حالة المقاطعة.
اما اولوية الحوار في موسكو فهي ليست الملف الحكومي الداخلي المتعثر وإن كان مهماً وأخذ حيزاً لا يُستهان به في مباحثات وفد حزب الله اللبناني الذي راسه النائب محمد رعد؛ وانما التطورات الاقليمية ليقين روسيا بأن حزب الله لم يعد ظاهرة داخلية لبنانية فحسب؛ وانما يدخل في عديد الملفات في اكثر من بؤرة توتر وصراع بمنطقة الشرق الاوسط.
الاوروبيون –حسب دبلوماسي اوروبي– يراهنون ايضا على نجاح المبادرة الروسية لانها تشكل انفراج لنزاع «الحلقة المفرغة» الامريكي – الايراني.
يبقى ملف حائك السجادة الحمراء في طهران فإن الادارة الامريكية تحاول التخلص من ضغوط الكونغرس في استكمال الموافقة على كابينة الرئيس بايدن قبل البدء بمناقشة هذا الملف لانه معقد بعض الشيء بسبب ارتباطه بجهات متعددة؛ خصوصا وان «اسرائيل» حفزت دبلوماسيتها من اجل الضغط على جميع المعنيين بالملف الايراني لتكون العودة لهذا الملف من خلال الباب «الاسرائيلية».
اما الملف اليمني فانه وضع على نار عمانية هادئة اعتادوا عليها لصنع المسقطية مستفيدين من تجاربهم الثرية في فك عُقد لا تفتح الا بايديهم.
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي