بقلم: عباس قاسم المرياني
ان للتطور الحاصل في مجال تكنلوجيا الانترنت فوائد جمة، فقد سهل عملية التواصل بين العوالم، وسمح للإنسان بالاطلاع على ما كان يجهله ومعرفته للابتكارات العلمية الحديثة الحاصلة التي قد تفيده في حياته اليومية او في مجال دراسته فيما اذا كان يبحث عن ذلك، فضلاً عن اطلاعه على أحوال اقرانه من البشر وتواصله معهم والكثير من الفوائد التي تقدمها هذه التكنلوجيا سواء في المجالات العلمية او الاقتصادية او السياسية وحتى الاجتماعية منها.
لكن في الوقت نفسه كان وراء هذه التكنلوجيا مضار كثيرة ايضاً ربما تكون اكثر من فوائدها خاصة في بلد مثل العراق لأسباب عدة منها: الانفتاح الذي شهده البلد بعد 2003م الذي كان غير مدروس اطلاقاً، وعدم وجود الرقابة الكاملة من قبل السلطات على هذه التكنلوجيا مما سمح للفرد العراقي ان يتعاطى معها دون قيد او شرط، وخير مثال على ذلك تطبيقات الفيس بوك والانستكرام وغيرها، فعند تصفحك لها تجد كل ما هو سلبي وضار ولا يعني ذلك بعدم وجود الإيجابي لكن ركزنا هنا على الجوانب السلبية.
مثلاً في الآونة الأخيرة تجد صفحات او تجمعات اغلبها في الفيس بوك تتناول مواضيع اجتماعية عائلية بطرحها للمشاكل التي تحدث بين الأزواج وتتناول كل تفاصيلها وتحاول في بعض الأحيان تشجيع الزوجة في التمرد او حتى الضرب للزوج، واحياناً تسعى لتحفيز الزوج على ضرب الزوجة وحتى قتلها، اضافة الى نقل كل حادثة تحصل من قتل زوج لزوجته او زوجه لزوجها والوسائل المستخدمة في ذلك ناهيك عن علاقة الاب والام بأبناءهم والاخوة فيما بينهم.
فضلاً عن ذلك هذه الصفحات او التجمعات تؤجج وتحرض على الطائفية والاقتتال بين أبناء البلد الواحد مستخدمين كل الوسائل في ذلك من عقائد ومذاهب وعنصريات، فتجدهم يسيئون لهذه الطائفة ولتلك لغرض تأجيج الصراع بينهم، وهذا ما حصل في فترة قتال داعش وحتى في احداث تشرين من العام 2019م تجد هذا الاحتقان على اشده حيث عملوا على تحريض البعض ضد البعض الاخر ولقبوا هذا بالجوكر والأخر بالذيل.
كما تقوم هذه الصفحات او التجمعات -دون تحديد مسمياتها- بالتركيز على الجوانب السلبية والتافهة في المجتمع كاهتمامها بحفل زواج فنانة معينة او ما شابه ذلك، او لقاء تلفزيوني لتسويق شخصيات طالما كانت سبباً في سفك دماء العراقيين وعرضها بشكل وأسلوب جديد لجعلها اشبه ما تكون بالملائكة، محاولين بذلك مخاطبة الأجيال التي لم تعش فترة هؤلاء ولا تعرف جرائمهم، وهناك الكثير الكثير من هذه الممارسات التي ربما نحتاج الى دراسات متخصصة تتناولها بالبحث والغايات التي وراءها.
الذي يهمنا من ذلك ان الانسان او الفرد العراقي اصبح كهذه التطبيقات او الوسائل ينقل ما يراه او ما يقرأه كأنه حقيقة واقعة دون فهم واقعي للدوافع وراء ذلك، او هل ما نقله او قرأه هو الصواب ام الخطأ؟ فأصبح بذلك أداة لا غير تُحشى بالمعلومات سواء اكانت مغلوطة ام صحيحة، لذلك اطلقت عليه لفظ انسان بوك لأنه امسى حبيس هذه الوسائل او التطبيقات.
فعلى كل الجهات ذات العلاقة او من تهتم بهذا الامر توجيه الفرد على ذلك وان ينصب مجال اهتمامه بما يخدم نفسه اولاً، ومجتمعه ثانياً لا ان يكون وسيلة فتنة او دمار وحتى اداة قتل بيد هذه الوسائل، كما يجب الرقابة على هذه الوسائل كما يحصل في بعض الدول، ولا تقع المسؤولية هنا على عاتق هذه الجهات سواء الإعلامية منها او الأمنية والمراكز الارشادية والتعليمية فحسب، بل يقع على الاسرة الدور الاكبر ايضاً يجب ان تفعل دورها في التوجية والتنبية لما يتناوله أبنائهم او يعملون عليه وما يطرحوه في مجتمعهم من سموم.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً