- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا تضخيم في فساد وجرائم النظام السياسي الحالي
بقلم: أياد السماوي
كنت ولا زلت أعتقد أنّ جرائم وفساد النظام الديكتاتوري السابق ودمويته وحروبه العبثية لا يمكن أن تكون غطاء ومبرّرا للسكوت على فساد وجرائم الطبقة السياسية الحالية واستمرارها في إدارة الدولة .. ومن يعتقد أن هنالك تضخيم (لأخطاء) النظام الحالي تصبّ في تلميع صورة ديكتاتور وطاغية العصر صدّام , فهذا يندرج تحت عنوان واحد لا غيره هو محاولة التخفيف لهذه الطبقة السياسية الفاسدة بما اقترفته من فساد وجرائم بحق العراق والعراقيين .. ومحاولة تصوير فساد وجرائم النظام الحالي أنّها مجرد أخطاء وقعت بها الطبقة السياسية الحالية بسبب قلّة خبرتها في إدارة مؤسسات الدولة , وبسبب الظروف الخارجية والداخلية التي أعقبت سقوط النظام الديكتاتوري السابق كتدّخل بعض الدول الإقليمية المحيطة بالعراق بالشأن العراقي , لم تعد أسبابا مقبولة لاستمرار الفساد والنهب المنّظم للمال العام ومصادرة القرار السياسي للدولة من قبل العصابات المسلّحة الخارجة عن القانون التي باتت اليوم تتحدّى الدولة بقوّتها وسلاحها .. كما أنّ استمرار تقاسم مؤسسات الدولة بين هذه العصابات والكتل السياسية الفاسدة واعتبارها استحقاقا سياسيا , واستمرار التجاوز على الدستور والقوانين تحت مختلف المبررات والذرائع .. لن ولن يشفع لأقطاب النظام الحالي ما ارتكبه النظام الفاشي السابق من جرائم بشعة بحق الشعب العراقي وشعوب المنطقة.
ونكرر مرّة أخرى .. أنّ الجيل الحالي من الشباب الذي هم دون سن الخامسة والعشرين من العمر , لم يعاصروا حقبة النظام الدموي السابق وما ارتكبه هذا النظام الفاشي من فضائع وجرائم ضدّ الإنسانية , وبالتالي فهو غير مكترث لما حدث في تلك الفترة من تأريخ البلد .. والقول أنّ النظام الحالي قد ورث بلدا مدّمرا وشعبا منهكا نفسيا وأخلاقيا واجتماعيا وقيميّا يحتاج لعشرات السنين من العمل لتجاوز آثار تلك الفترة المظلمة من تأريخ العراق .. قول يراد منه استمرار هذه الأحزاب والكتل السياسية الفاسدة واستمرار هذه الطبقة السياسية في حكم البلد ونهب موارده وثرواته وثروات أجياله القادمة .. فأوربا التي دمرّتها الحرب العالمية الثانية , نهضت من دمارها وآلامها في أقل من عشر سنوات وتجاوزت آثار تلك الفترة وما جرى فيها من ويلات ودمار .. ونحن أبناء ذلك الجيل الذي عاصر مأساة الشعب العراقي في زمن الطاغية المجرم , لم يجر في خلدنا أنّ النظام الجديد الذي سيخلف حقبة البعث المظلمة سيكون بهذا المستوى من الفساد السياسي والإداري والاجتماعي , وأنّ الجهل والتخلّف سيعم البلد والمجتمع , وستنحدر القيم والأخلاق وستضمحل الوطنية لتحلّ محلها عناوين طائفية وقومية قوّضت النسيج الاجتماعي العراقي وزرعت الكراهية بين أبناء الشعب الواحد .. وما تحدّثنا به عن فساد النظام الحالي وانحطاط الطبقة السياسية الحاكمة .. ليس إلا جزء يسيرا من الحقيقة المرعبة التي يعيشها العراقيون في ظل هذا النظام الحالي.