حجم النص
بقلم:د كاظم المقدادي
يحاول مجلس النواب جاهدا .. تشريع قانون جرائم المعلوماتية .. لتكميم الافواه ، وخنق حرية التعبير التي كفلها الدستور في المادة 38 .
في القانون الجنائي العام .. ( لا جريمة ولا عقوبة الا .. بنص ) .. وعندما اطلعت على بعض نصوص المواد في القانون المقترح للتشريع .. ومنها ( المادة 3 ) على سبيل المثال .. تنص على عدم الاساءة لسمعة البلاد .. وعدم تعريض الامن القومي للخطر .. وعقوبتها السجن المؤبد .. اجد ان هذا النص لا ينطبق على طبيعة استخدامات المواطن للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي .. الا بحدود ضيقة .. لكنه ينطبق بشكل واضح على سلوك المسؤولين الفاسدين الذين هم في السلطة .. معممين وافندية ، مقاولين ولجان اقتصادية .. وحجم خياناتهم وعلاقاتهم وارتباطتهم الخارجية .. ومخابراتهم ، مع سفارات الدول الاجنبية .
الجريمة المعلوماتية .. تعد من الجرائم المستجدة .. ويحتاج القضاء العراقي ، ومن لهم دراية في القواتين ، ونشطاء المجتمع المدني ، وهيآت حقوق الانسان ..الى وقت طويل لدراستها بشكل معمق .. من اجل ايجاد قوانين مستحدثة تتلاءم وطبيعة استخداماتها ، ومجالاتها .
من المعلوم ..ان ( المجرم المعلوماتي ) وهو مصطلح جديد ..لايحمل بيده سلاح الجريمة المتعارف عليها ، نارية وسواها .. لانه يتعامل مع المعلومة ، بالعقل وبمهارة عالية ، وبقدرة ذكائية كافية .. لذا فان طبيعة الجرم تستدعي استحداث فقرات قانونية جديدة ، ليس لها علاقة بقانون العقوبات العراقي .
يبدو ان السبب لاقرار هذا القانون .. يفضحه هذا التتابع الزمني .. وهو بداية التفكير بتشريع هذا القانون بين سنتي / ٢٠١١ /٢٠١٢ وكانت اول المظاهرات الشعبية التي اندلعت في ساحة التحرير .. و نددت بسياسة قمع الحريات التي مورست من قبل حكومة السيد نوري المالكي .. وبين سنتي ٢٠٢٠/٢٠١٩ والتي تفجرت فيها الانتفاضة التشرينية العظيمة .. يتضح لنا ان قوة وتاثير المظاهرات .. كانت السبب الرئيس بالتفكير بمثل هذه القوانين المستعجلة التي تحد من الحريات ، وحق تداول المعلومات .
وعلى الرغم من وجود معارضة شعبية من منظمات وتجمعات واسعة .. وحملات اعلامية مكثفة مارستها القنوات الفضائية وفي مقدمتها ( قناة الشرقية ) واعتراضات منظمات حقوق الانسان الدولية ومنها هيومن رايتج ، كذلك اعتراض عدد لا يستهان به من اعضاء مجلس النواب .. فان قانون جرائم المعلوماتية الذي تمت قراءته مرتين .. ربما سيتم التصويت علية بعد القراءة الثالثة .. بحذف وتعديل الكثير من المواد التي لا تنسجم والمادة الدستورية 38 .
ويبدو ان رئاسة مجلس النواب ماضية في تشريع هذا القانون وانضاجه .. رغم ان الظروف السياسية والاجتماعية غير مناسبة لاقراره .
اخيرا.. اعتقد جازما ، ان السبب وراء كل هذه الارادة النيابية لتشريع القانون .. هو موضوع ( الانتخابات المبكرة ) .. ومحاولات الاحزاب الفاسدة ، حصر الدعاية الانتخابية لها ، من دون وجود اصوات شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي .. تعترض على تزويريها ، وسلوكها الانتخابي ، و محاًلة عزل الحركات الوطنية التي تعترض على هيمنة المال السياسي ، وكثافة السلاح المنفلت الذي سيؤثر حتما .. على اجراء انتخابات نزيهة وسليمة ، بعيدة عن الميلشيات والضغوط .. والتاثيرات السياسية .
أقرأ ايضاً
- المجرمون يكرهون التاريخ ..هدم قبور البقيع انموذجا
- عندما يكون المجرم هو الحكومة !!! .. الجزء الأول
- عزيزي المجرم