حجم النص
حسن كاظم الفتال
من هم العظماء ..هم أناس يحملون صفات البشر البايلوجية والفسيولوجية الإعتيادية التي يحملها كل إنسان إنما يتميزون عن عامة البشر بخصائص وصفات وملكات تتوفر بهم تميزهم وربما بفطرة سليمة وقلما تجد كل ذلك حاضرا لدى الآخرين من عامة الناس . لذا نلاحظ عندهم توهج جذوة الحرص واتقاد وتوهج الرغبة للجهاد لأداء دورٍ مميزٍ في تحسين مسيرة الحياة وإضفاء النصاعة الحقة عليها. فتراهم لا يكتفون ولا يقنعون بالتنظير والتحدث بإسهاب وإطناب ومبالغة فجة أحيانا. إنما يتميزون حيث تتجلى بهم القدرة والقابلية على تغيير أو تحويل المسارات إلى ما هو أفضل وأحسن وأجمل وذلك بالتطبيق العملي العلمي . فكثيرا ما يعمدون إلى تغيير وجه الحياة أو طبيعتِها الاعتيادية السائدة عند الآخرين من صيغة أو صورة جامدة هادئة صامتة أو مما يريد لها الآخرون أن تكون إلى حالة متوهجة حيوية نشطة دائمة الحركة منتجة متطورة مواكبة لكل ما هو قابل للتغيير والتطور والتجديد في مختلف مجالات الحياة . هذا المفهوم ينتج لنا حقيقة ملموسة وهي أن العظماء هم صناع الحياة المفعمة بالبهجة المتوهجة والمنتجة لكل معاني الحيوية والتنوع والمنافع التي تغذي الروح البشرية وتنميها وربما التدخل في تحسين المنابت والنشأة وغرس الروح القيمية والعزة والكرامة والتحلي بكل ما يتوق أن يتحلى به الصنف البشري وإحداث الطفرات وحتى التحكم أحيانا بالفطرة للحفاظ على سلامتها وتحصينها وصيانتها من التلوث البيئي. ويعتقد البعض أنه ليس من اليسير على الجميع صناعة الفرد أو المجتمع أو الأمة وهي عملية تدريجية تصاعدية ممكنة الوجود حين يصر أصحاب الشأن على صناعتها . فصناعة الفرد تعني صناعة المجتمع وصناعة المجتمع تعني صناعة أمة فاضلة سليمة نقية منزهة من شوائب التخلف والإنحلال والتفكك الخلقي أو التشوه الديني أو الإختلال الثقافي . والعظماء هم كثر وهم اصناف وانماط تتقاسمهم جوانب الحياة ومفاصلها ويتقاسمونها. إنما ثمة عظماء ربانيون صاروا شواخص تأريخية يتعذر على كل مخاضات الزمن إنجاب توائمَ أو أقران لهم فهم لا يمكن أن يتكروا على مر الأزمان لا يقتصر تواجدهم على مراعاة توجهات بعض الشرائح أو الميل إلى شرائح أخرى إنما يتمحور تواجدهم وعملهم على إصلاح المجتمعات وتقويمها بكل فئاتها وطبقاتها وتغيير مساراتها نحو ما هو أفضل وما هو حسن وجيد وما هو خير . ولاشك أن هنالك فلتة من فلتات الزمن بكل مراحله وحقبه لا نظير لها ولا مشابه . ومن هؤلاء العظماء الذين يتعذر وجود نظائر لهم الإمام الحسين صلوات الله عليه الذي هو هدية الله اليتيمة إلى البشر بعد جده وابيه صلوات الله عليهم . مما لاشك فيه إن الناس, والمصلحون منهم على وجه الخصوص, تتجلى فيهم سمة اغتنام الفرصة ليحظوا بها عسى أن يتاح لهم تغييرُ الواقعِ من صورة أو من شكلٍ إلى آخر .لعلهم يحسنون التدبر أو لا يحسنونه . إلا الإمام الحسين صلوات الله عليه فهو أوجد الفرصة وصنع الظرف الذي تعذر على غيره إتيانه وحمل راية التغيير من صيغة إلى أخرى برأيٍ سديد وبتدبر واعٍ وبتصرف متقن وحمل كل ادوات التغيير من أجل تحقيق أهدافه الإنسانية وإن كلف تحقيق الأهداف أغلى ما يمكن أن يقدمه إنسان وهو الدم الطاهر المطهر النقي الزكي . دم سفك على رمضاء كربلاء فقدسها وشرفها وأدخلها التأريخ ليس من أوسع الأبواب فحسب بل جعل التأريخ يتوق غاية التوق للإنتماء إلى اسم كربلاء المقدسة إذ أنه صلوات الله عليه وقف على ثراها الطاهر وغير فيها مجرى التأريخ وأدى دوراً فاعلاً في تقويم البشرية مما لا يمكن أن يصنعه غيره . وراح الأحرار والعظماء ممن يتوقون إلى تحقيق الإصلاح أو تفجير أي ثورة أو أي انتفاضة راحوا يضعون نصب اعينهم المفاهيم الحسينية فيقتبسون من أنوارها إشعاعا يعينهم على قطع الشوط في توجههم نحو التحرير ويتبعون الطريق الذي رسمه صلوات الله عليه لكل تائق للتحرير من كل العبوديات ومن إنغمست روحه وضميره بهذه التجليات فقد نال الفوز العظيم وحقق كل ما يجعل ذكره خالدا
أقرأ ايضاً
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- دور الاعلام القضائي في تحقيق الأمن القانوني