- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لماذا هذا الإصرار على تجديد عقود شركات الهاتف النّهاب ؟
بقلم: أياد السماوي
بمخالفة صريحة للأمر الولائي الصادر من القضاء العراقي والمتضمن إيقاف كلّ الاجراءات المتعلّقة بقرار تمديد عقود شركات الهاتف النّقال , قام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وفي خرق صريح للأمر الولائي بعقد اجتماع مساء الأثنين المصادف 21 / 09 / 2020 مع هيئة الإعلام والاتصالات الجديدة ورئيسها علي الخويلدي , طالبا منهم إصدار قرار جديد يدعم قرار التمديد غير القانوني الذي اصدرته الهيئة , وفي اليوم التالي وفي تحد كبير لقرار القضاء العراقي المتضمن إيقاف كلّ الاجراءات المتعلّقة بقرار تمديد عقود شركات الهاتف النّهاب , قام الرئيس التنفيذي علي الخويلدي وتنفيذا لأوامر رئيس الوزراء الكاظمي , بإصدار قرار جديد داعم للقرار السابق مع تغيير طفيف يتعلّق بدفع الغرامات المالية المترّتبة بذمة هذه الشركات , وسط معارضة بعض من أعضاء مجلس الأمناء تخوّفا من المحاسبة القانونية مستقبلا , بالرغم من تطمين رئيس الوزراء لإعضاء الهيئة أن القضاء سيحميهم من الملاحقة القانونية .. الجديد في هذا الأمر أنّ رئيس الوزراء وفي حركة التفافية الغرض منها تدارك الخطأ القانوني الفاضح الذي وقعت فيه الهيئة بسبب وجود عضوين غير قانونيين في الهيئة قد انتهت مدّتهم منذ سنتين , حيث أجاز الأمر رقم 65 لسنة 2004 مدة بقاء العضو لدورتين فقط أي لمدة ثمان سنوات .. فقام الكاظمي باستبدال العضوين وتعيين ثلاثة أعضاء جدد مكانهم لتلافي هذا الخطأ .. لكن هذا الإجراء لا يلغي كون أنّ قرار مجلس الوزراء الذي صادق على قرار هيئة الإعلام والاتصالات هو باطل أيضا .. لأن ما بني على باطل هو باطل أيضا.
وحين اعترض أعضاء ولجان مجلس النواب والرأي العام العراقي على قرار هيئة الإعلام والاتصالات بتجديد عقود شركات الهاتف النّهاب لثمان سنوات قادمة , كان ذلك لجملة أسباب .. أولا أنّ هذه الشركات قدّمت خدمة سيئة مقابل كلف مرتفعة جدا قياسا بكل دول العالم , ولم تقدّم أي خدمة حقيقية مقابل الأموال الطائلة التي استحوذت عليها هذه الشركان الناهبة من المواطنين العراقيين .. وثانيا أصل الاعتراض كان على قانونية الاجراءات التي تمّت بسرعة متناهية خلال 24 ساعة , حيث لم يدرس الموضوع دراسة مستفيضة من قبل اللجنة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وكذلك عدم أخذ رأي وزارة المالية التي وقعّت العقد الأول عام 2007 , وإنما اعتمد القرار على مجلس غير قانوني بجلسة غير قانونية بسبب وجود عضوين انتهت مدّة عضويتهما منذ سنتين فضلا عن كونهما خارج العراق ووقعا بالإنابة .. ثالثا الغبن الواضح في القرار حيث أنّ عدم فتح المجال للشركات الأخرى للتنافس واقتصار الموضوع على هذه الشركات , قد أضرّ بالمال العام والمصلحة العامة للبلد , فكان من المفترض أن يكون هنالك مزاد كما في عقود التراخيص عام 2007 التي كانت في مزاد علني , فلماذا لا يكون التجديد في مزاد أيضا كي تتنافس الشركات وبالتالي يكون الرابح الوحيد هو المواطن والدولة للحصول على أفضل العروض ؟ كما أنّ القرار وتفاصيله كما يشير الفنّيون والقانونيون هو قرار ظالم جدا بالنسبة للمصلحة العامة , حيث أعطى الجيل الرابع والبنى التحتيّة للدولة وحزم تردديه وكلّ شيء إلى هذه الشركات بدون أي مقابل وهذا مما يضاعف علامات الاستفهام .. إصرار رئيس الوزراء على المضي باجراءات التمديد رغم الرفض الشعبي والرسمي لتجديد هذه العقود هو دليل قاطع على توّرط رئيس الوزراء شخصيا بهذه الصفقة المشبوهة .. إنّنا إذ نهيب بأعضاء بمجلس الوزراء الموّقرين بالتصدّي لهذه المحاولة وعدم تمرير هذا القرار ومعالجة خطأهم الكبير خصوصا بعد استغفالهم من قبل رئيس الوزراء في الجلسة الأولى , وعليهم الآن أن يقفوا مع الشعب وإلا فأنّ التاريخ لا يرحم .. كما نهيب بأعضاء مجلس النواب بإصدار موقف صريح وواضح ومصيري بشأن هذا الالتفاف والإصرار المتعمّد قبل رئيس الوزراء على تجاهل المصلحة العامة للبلد.. كما يجب أن يكون صوت مجلس النواب ولجانه المختّصة وكل الأعضاء المخلصين مدويا بوجه هذه الصفقة الأكبر في تأريخ الفساد.. في الختام أقول يا شرفاء العراق من وزراء ونواب وكتّاب وإعلاميين .. أوقفوا تجديد عقود شركات الهاتف النهاب التي نهبت أموال العراقيين.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!