بقلم: أياد السماوي
خلافا لكلّ التوّقعات والآمال التي عقدت على حكومة السيد مصطفى الكاظمي بالتصدّي للفساد والفاسدين ووضع حدّ للنهب المنّظم للمال العام , جاء قرار مجلس الوزراء في 07 / 07 / 2020 القاضي بتجديد عقود شركات الهاتف النّقال مدّة ثمان سنوات تنتهي في عام 2030 , بمثابة الصدمة والضربة القاضية لآمال الشعب في الخلاص من آفة سرطان الفساد الذي ضرب كافة مؤسسات الدولة العراقية , ونقضا لكلّ تعهدات رئيس مجلس الوزراء في محاربة الفساد واقتلاع جذوره التي أعلن عنها في خطاب التصويت على حكومته أمام مجلس النواب العراقي .. وقد أوضحنا في سلسلة مقالاتنا السابقة بالدليل المنطقي والعقلي توّرط رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي بنفسه بهذه الصفقة التي تعتبر الصفقة الأعظم في مسيرة فساد نظام ما بعد عام 2003 .. في مقالنا السابق تحت عنوان ( الرّد على أكاذيب هيئة الإعلام والاتصالات ) كنا قد اوضحنا بالدليل القاطع بطلان ادعاءات شركات الهاتف النّقال بوجوب تجديد عقود الهاتف النّقال استنادا لماء جاء في الفقرة ( ب ) من البند السادس من عقد الترخيص المبرّم مع هذه الشركات .. وأوضحنا بالدليل أيضا عدم التزام هذه الشركات بتلبية الشروط والأحكام المبيّنة في اتفاقية الترخيص بتسع مخالفات مثبتة بشكل رسمي كمخالفات قانونية لأحكام عقد الترخيص المبرم .. كذلك أوردنا خمسة عشر مبرّرا توجب عدم تجديد رخصة هذه الشركات ليوم واحد وليس لثمان سنوات.
وحين أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات توضيحا بشأن قرارها تجديد عقود الهاتف النّقال , كان هذا مؤشرا على عزم حكومة مصطفى الكاظمي بالمضي قدما في قرار تجديدعقود شركات الفساد الكبرى لثمان سنوات إضافية وعدم التراجع عنه , بالرغم من الحملة الواسعة المعارضة للتجديد .. الجديد في تطورات ملّف تجديد عقود الهاتف هو ما صرّح به المدير التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات ( على ناصر الخويلدي من حزب الدعوة ) خلال حديث مع بعض أعضاء مجلس النواب من كتلتي النصر والقانون , بأنّ قرار تمديد عقود الهاتف النّقال سينّفذ لأنّ هنالك إرادة سياسية تقف وراءه , مضيفا أنّه بالرغم من رغبة رئيس الوزراء الكبيرة في تجديد رخصة عقود الهاتف , إلا إنّه لا يتّحمل لوحده مسؤولية هذا القرار , حيث أنّ دراسات أعدّت بشأن ذلك وصادق عليها مجلس الأمناء في الهيئة .. ومن مصادرنا الخاصة أنّ قرار الحكومة بتجديد عقود الهاتف النّقال قد تمّ اتخاذه بعد أن حصل الكاظمي على الضوء الأخضر من الكتل السياسية التي تحكم بقبضتها على إدارة البلد.
ومن أبرز الداعمين لقرار التجديد هم رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس حكومة الإقليم نيجرفان برزاني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وبدعم غير معلن من قبل دولة القانون والحكمة والنصر وسائرون والفتح.
إنّ عدم التراجع عن قرار تجديد عقود الهاتف النّقال والمضي بها , يضع الدولة بأسرها بدائرة الشبهة والشراكة مع شركات الفساد الكبرى .. زين .. وكورك .. وآسيا سيل .. في نهب المال العام العراقي.
ويضع حكومة السيد مصطفى الكاظمي في دائرة المسؤولية المباشرة عن هذه الصفقة الأكبر في تأريخ الفساد.
ختاما أوّجه كلامي للأخ رئيس الوزراء .. المضي في هذا العقد الفاسد سيتسبب بخسارة فادحة للبلد تقدّر بأكثر من ثلاثين مليار دولار البلد بأمس الحاجة لها في هذا الظرف الاقتصادي العصيب الذي يمرّ به , إضافة إلى المخاطر الأمنية المتعلقة بأمن المعلومات .. وفي نفس الوقت يشّكل انتصارا كبيرا لقوى الفساد على الشعب الذي قدّم مئات الشهداء وآلاف الجرحى على طريق الخلاص من الفساد والنهب المنّظم للمال العام .. كما يعني أنّ حكومتك يا جناب رئيس الوزراء هي استمرار لحكومات الفساد التي سبقتها .. نصيحتي الأخيرة لك أيها الأخ الكاظمي .. أن تنزع عنك كلّ الطاقم المحيط بك وتتراجع عن مجموعة القرارات الأخيرة التي اتخذتها حكومتك خصوصا قرار تجديد رخصة شركات الفساد , وأن تجسدّ كلامك ( لا شيء عندي أخسره ) الذي صرّحت به للعراقيين بالفعل لا بالقول .. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.