بقلم: د. نبيل المرسومي
اود التركيز على الضرر المتوقع لاستهلاك الاحتياطيات النقدية، ورفع حجم الديون لسد العجز الكبير الذي سيظهر في الميزانية، في حالة عدم ترتيب الحكومة لأوضاعها وخفض التزاماتها المالية، وتعظيم إيراداتها غير النفطية، فالاحتياطيات الأجنبية قاعدة لحماية الدينار وضمان استدامة سياسة الربط مع الدولار، وهو أمر يحتاج إلى احتياطيات بالنقد الأجنبي، كافية للدفاع عنه وتثبيت سعر الصرف، وأي ضعف في الاحتياطيات سينعكس سلباً على سعر الصرف الذي يؤدي انخفاضه الى تضخم في الأسعار بشكل عام مما يؤثر على الجميع دون استثناء، والأكيد أن استمرار انخفاض الدخل بسبب انهيار أسعار النفط مع عدم خفض الإنفاق سيدفع الحكومة للسحب من الاحتياطيات (بصورة غير مباشرة) التي يؤثر تناقصها على قوة المركز المالي وبالتالي الغطاء النقدي للدينار، وهذا ينطبق على التوسع في الدين العام وبما يؤثر مستقبلاً على الاستقرار المالي والتصنيف الائتماني وحجم خدمة الدين العام.
يبلغ الدين الخارجي في العراق 25.444 مليار دولار عدا ديون الخليج البالغة 41 مليار دولار التي لا تعد حاليا ديون فعالة. فيما يبلغ الدين الداخلي 40.810 ترليون دينار. وفي المقابل بلغت اقساط خدمة الدين 16.364 ترليون دينار في عام 2019.
ووفقا لقانون الاقتراض الجديد ستقترض الحكومة 15 ترليون دينار من المصارف الحكومية و5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتغطية الاحتياجات التشغيلية العاجة لهذا العام فقط والتي تشكل نحو 7 ترليونات دينار شهريا أي 84 ترليون دينار سنويا.
وعند إضافة الديون الجديدة تصبح مديونية العراق الداخلية 55.810 ترليون دينار وديونه الخارجية 30.444 مليار دولار.
وبعيدا عن المعايير المضللة التي يستخدمها البنك الدولي في قياس عبء المديونية فإن هذا المستوى من الدين العام في العراق يعد كبيرا خاصة وإن أقساط خدمة الدين سترتفع الى اكثر من 20 ترليون دينار سنويا وهي تشكل ما بين 40-50% من عوائد الصادرات العراقية حاليا وهي نسبة كبيرة خاصة وان تلك العوائد مرتبطة على نحو كبير بأسعار النفط المتقلبة.
ولذلك تبدو الحاجة ماسة لإصلاح اقتصادي حقيقي وهو ما لا يمكن فعله في العراق من دون ان يسبقه اصلاح سياسي حقيقي وبعكس ذلك يتجه البلد نحو المجهول نظرا للتحديات الاقتصادية الجديدة والكبيرة التي يواجهها العراق حاليا والتي سيواجهها مستقبلا خاصة اذا ما امتدت الازمة المالية لعام آخر حينذاك سيضطر العراق الى اتخاذ إجراءات مؤلمة وقاسية منها تخفيض سعر صرف الدينار العراقي.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير