بقلم: بركات علي حمودي
اربع جولات ميدانية للكاظمي منذ التصويت على كابينته .. جولات اثارت الكثير من الضجيج الاعلامي وسلّطت الضوء على رجل كان معروفاً بصمته المخابراتي .. ابْتدَأَ زياراته بدائرة التقاعد وفيها اثار الكثير من اللغط والفكاهة والمدح والقدح بسبب المكالمة الشهيرة لاخيهِ عماد .. غير انه بذات الوقت كتب تغريدة وعد بها شريحة المتقاعدين بانصافهم .. في اليوم التالي شد الرحال لوزارة الدفاع والتقى القادة العسكريين واكد عليهم بضرورة (جمع السلاح السائب) وهنا اوصل رسالة بضرورة ان تكون المؤسسات العسكرية الرسمية هي رأس الرمح في المؤسسات الدستورية .. في اليوم الثالث ذهب الى جهاز مكافحة الارهاب والتقى بكبار الضباط وعلى رأسهم الفريق عبد الوهاب الساعدي الذي اسماه الكاظمي بالصديق في مؤتمر سابق اعلن فيه اعادته للجهاز بعد رفع الحيف عنه في زمن حكومة عبد المهدي السابقة .. ولاحقاً التقى بالفنان اياد راضي الذي مثّل دور شهيد في ساحات التظاهر .. كرمزية بسيطة بأن الحكومة الجديدة داعمة لساحات التظاهر.
اليوم .. توجه الرجل لمقر هيئة الحشد الشعبي والتقى كبار مسؤوليها في وقت تشهد الهيئة اختلاف بوجهات النظر (العميقة) بسبب المناصب و التوجهات العامة لسياسة الحشد الشعبي.
بالامس صدر بيان مهم من وكيل المرجعية الدينية العليا، نفى به ما قاله احد نواب الفتح بأن وكلاء المرجعية طلبوا ان يكون هادي العامري رئيساً للحشد الشعبي، واردف البيان بضرورة ايجاد صيغ جديدة لاعادة هيكلة الحشد بما يتناسب مع الولاء للعراق فقط لا غير .. و هنا تبرز كلمة الكاظمي اليوم عندما قال (ان هذا الحشد ليس مُلكاً لاحد .. هذا الحشد لكل العراقيين والولاء فيه يجب ان يكون للعراق فقط ولمرجعية النجف فقط لان هذه المرجعية هي من حمت الشعب العراقي بكل اطيافه).
و هنا نجد تناغم واضح بين رؤية الكاظمي و بيان يوم امس .. والامر الثاني ان الكاظمي قد قال للحاضـرين انه معني بحماية الحشد وحقوقه عبر القانون رقم 40 الصادر عام 2016 والذي على اساسه يقول ان الحشد مؤسسة عسكرية تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة.
بمعنى .. ان الكاظمي هو المسؤول عن اي تحرك عسكري للحشد كونه المسؤول العسكري الاول في العراق بصفته القانونية الرسمية كقائد عام للقوات المسلحة العراقية، وبهذا فليس من حق احد غيره ان يكون له سلطة عسكرية فوق سلطته.
اكمل الكاظمي حديثه ولم ينسى في نهاية حديثه بالقول (لن ينسى دماء الشهداء جميعهم) قبل ان يلبس (قميص الحشد) ويخرج من مقر الهيأة وقد سجل لرصيده نقاط ورسائل اعلامية وسياسية في ايام قليلة للطبقة السياسية العراقية، وبنفس الوقت للقاعدة الشعبية العراقية المترقبة للاداء الحكومي الجديد
وهنا يجب ان نُبين الآتي:
الشعب العراقي لم تعد تنطلي عليه الاستعراضات الاعلامية كما في السابق .. فالجيل العراقي ينطبق عليه المثل القائل (مفتح باللبن) وعليه فان اغلب الناس مختلفين على اداء الكاظمي ومختلفين على قبوله
فالمتظاهرين لا زالوا ينتظرون مبادرة منه اتجاههم كي تُردم الهّوه بين الحكومة والمتظاهرين .. والرجل لم يتحرك عليهم فعلياً الا في لقاءه الرمزي مع اياد راضي، وهذا الامر لم يُرضي المتظاهرين بل اثار حنقهم لانهم يريدون ان يتكلم الكاظمي مع المتظاهر الاصيل و ليس المتظاهر الوكيل !
امام الكاظمي عمل طويل لارضاء الجميع، فالرجل واضح انه سياسي (ردم الهوّه) و ليس سياسي (الصدمات والمواجهة المباشرة) و هذا ما كان الكثير (العقلاني) يتوقعه .. بينما كان البعض الآخر يتوقع انه سياسي الصدمات والاكشن وانه سيفعل كذا و كذا ..
الايام القادمة حُبلى واعتقد ان مفاجآت الكاظمي (الدبلوماسية) لن تنتهي ومعها قرارات (دبلوماسية) ايضاً، لكنها مزعجة لمنافسيه ولن يستطيعوا مواجهته فيها لانها قانوناً من صلاحياته ..
و بين هذا و ذاك يبدو ان الكاظمي يحاول ان يكون صقر جارح وحمامة سلام .. فهل سيستطيع ان يأخذ دوران في آن واحد ؟؟
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً