حجم النص
بقلم: محمد صادق جراد
عندما يُحال الموظف العراقي على التقاعد وبدلا من بداية رحلته مع الراحة ينطلق مشواره مع رحلة مجهدة ومتعبة لتنظيم المعاملة التقاعدية التي قد يستغرق إنجازها عدة أشهر بسبب الروتين والبيروقراطية القاتلة وإجراءات إدارية معقدة وبسبب المعوقات التي يضعها البعض لابتزاز المتقاعد وصعوبة الاجراءات المطلوبة التي تتطلب التنقل بين أكثر من دائرة ومؤسسة تبدأ بدائرة الموظف المتقاعد وتنتهي بهيئة التقاعد العامة.
وهكذا يعيش المتقاعد محنة كبيرة لاتتناسب مع مفهوم تثمين جهود الموظف وتقدير جهوده على سنوات الخدمة التي قضاها في خدمة الدولة وخدمة دائرته والمستفيدين منها، كما لاتتناسب مع شيخوخته وكبر سنه وحقه في تحسين أوضاعه المعيشية وان يكون محل احترام الجميع، علما ان هذا هو حقه الطبيعي لانه يدفع استقطاعات تقاعدية طيلة فترة خدمته بما يؤهله ان يكون مؤهلا للحصول على المنحة التقاعدية وفق القانون. ومن هنا اصبح من الضروري ان نبحث عن حلول لهذه القضية او المحنة كما يسميها البعض لما تمثله من معاناة للموظف في نهاية مسيرته الوظيفية.
ومن اجل وضع الحلول لا بدّ من وضع الاصبع على مكامن الخلل لهذه المشكلة التي أصبحت من الموروث الباقي والمتواصل معنا بالرغم من التطور الالكتروني والتكنولوجي الذي وصل اليه العالم المتحضر إلّا أننا مازلنا أمام صعوبات بيروقراطية لمعاملات ورقية معقدة.
إنّ من أهم المشكلات التي تواجه المتقاعدين هي البيروقراطية في الإجراءات والتي تكلّف المتقاعد الكثير من الوقت والجهد والمال والتي تدفع البعض الى دفع المعاملة الى معقب او محامي ودفع تكاليف باهظة، إذ نجد أن بعض الدوائر أصبحت تتعمد عرقلة المعاملات وتأخير انجازها لابتزاز المتقاعد وإجباره على اللجوء الى المعقب او المحامي.
ومن جانب آخر نجد ان البنايات الخاصة بالتقاعد في معظم المحافظات غير مناسبة لاستقبال واستيعاب اعداد كبيرة وتشكو من نقص وضعف في التنظيم والتنسيق بين الاقسام بما يسهم في الازدحامات وتعطيل المعاملات بسبب ضيق البناية وعدم وجود اماكن استراحة مناسبة وغرف كافية بما يستوعب الزخم الحاصل، لاسيما في الوجبات الاخيرة من تقاعد الموظفين التي شملت 3 وجبات مرة واحدة ما شكل زخما قويا على الدوائر التي ينقصها التنظيم اصلا وتشكو من الازدحامات في الظروف الطبيعية فما بالكم في ظل استقبالها لثلاثة اضعاف العدد المعتاد.
وهنا نطلب بتطوير بنايات دوائر التقاعد ومن جانب اخر تفعيل عمل شعبة التقاعد في جميع دوائر الدولة وتشكيلها في الدوائر التي لم تقم بتشكيلها حتى الان ويكون واجبها مساعدة دوائر التقاعد بتهيئة معاملات موظفيها من الذين سيحالون على التقاعد قريبا، وذلك قبل فترة مناسبة اي قبل عدة اشهر إذ تقوم الشعبة خلال هذه الفترة باكمال اوراق الموظف الذي سيحال على التقاعد وتبليغه باكمال النواقص وتهيئة الاوامر الوزارية واستحصال جميع الموافقات لتكون جاهزة وتقديمها في الوقت المطلوب الى هيئة التقاعد العامة لاختصار الكثير من الجهد الملقى على عاتق الموظف المحال على التقاعد.
أقرأ ايضاً
- المرجع السيستاني.. المواقف تتكلم
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- كلية الذكاء الاصطناعي.. قرار متسرع؟