- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من الذاكرة الرمضانية الكربلائية ..الجزء الثاني
التبضع
يتهيأ الناس قبل حلول الشهر بأيام معينة تهيئة نفسية ومعنوية وإقتصادية فنجد أن المواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان تتكدس في الأسواق وبشكل يختلف أيضا عن أيام السنة الباقية خصوصا من تلك التي يكثر الطلب عليها في هذا الشهر . فيذهب رب العائلة أو ربات البيوت إذ هن أدرى بما يحتجن يذهبن للتسوق وتحضير المواد الخاصة . دقيق حمص أي طحين حمص البعض يصنع من هذا الطحين الحلاوة والبعض يصنع منه أشياء أخرى معينة وأبرزها (الكفتة ريزة) و(الكفتة ريزة) تسمية غير عربية الكفتة تعني الدوائر أو الكبابة يصطلح عليها لغويا والتي أشبه بالكبة المعمولة لدى ربات البيوت والريزة الصغر في الحجم وطريقة عملها أن يدق اللحم بالهاون ويهرس هرسا جيدا ويخلط معه الطحين ويدعك جيدا ثم يعمل على شكل كُبابة أي دوائر أو كما نسميه لكاليك ويقلى بالدهن المغلي ويغلى الماء والمعجون ثم توضع هذه اللكاليك فيه . ومن المواد التي تهيئ في شهر رمضان غالبا : أولها العدس وللعدس فوائد كثيرة طبعا وهنالك قول للإمام الصادق عليه السلام قال : (شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله قساوة القلب فقال له صلى الله عليه وآله : عليك بالعدس فإنه يرق القلب ويسرع الدمعة وقد بارك عليه سبعون نبيا ) . والحمص أيضا من المواد التي يكثر تناولها وهو أيضا له فوائد وقد ذكره الأئمة الأطهار عليهم السلام في أحاديثهم فقد روي عن الإمام الرضا إنه قال : ( الحمص جيد لوجع الظهر ) . وكان يدعو به قبل الطعام . وعن أحمد بن نصر عن نوح بن شعيب عن نادر الخادم قال : ( كان أبو الحسن الرضا صلوات الله عليه يأكل الحمص المطبوخ قبل الطعام وبعده ). ومن المواد التي كانت تدرج في قائمة التسوق طحين تمن وهذا الطحين يصنع منه الحلاوة بعد أن يسهى بالدهن ويضاف له الشيرة المصنوعة من الماء والسكر وهذا النوع من الحلاوة حين تفرغ بالأطباق تكونمتماسكة أكثر وسميكة ويسهل تقطيعها إلى قطع صغيرة وهي تسمى باردة الطبع ومفيدة للصحة أكثرمن أنواع الحلاوات الأخرى وطحين التمن البعض يصنع منه الخبز الذي يسمى خبز الصاج بالإضافة إلى الطحين المستخدم للخبز ولا ننسى إن البعض كان يستخدم التمر لصنع الحلاوة أو المدگوگة. ومن مقتنيات الشهر الفضيل .الهيل الكشمش الشعرية .. السكر.. النومي بصرة العدلة والمطحونة .وبعض ربات البيوت تطحن بنفسها النومي بصرة وذلك بالهاون وحتى الهيل أيضا يطحن بالهاون .النشا لعمل المحلبي أو البالوتة والبالوتة تصنع من النشا والسكر والماء ومن ثم الكاستر وغير ذلك . كذلك السمن النباتي وأشهر أنواع هذا السمن ماركة ( الراعي ) والبعض يقتصر استعماله في هذا الشهر على دهن الحر أي السمن الحيواني ،والبعض كان يستخدم سمن من ماركة الفقيه (أبو السكينة والچنگال )والتمن أي الرز ثم التمر هندي لصنع الشربت والمشمش المائع أو ( الممرود) لصنع الشربت خصوصا وان مثل هذا النوع من المشمش أو أي من الفواكه الممرودة كان يباع بأرخص الأثمان كما يضاف إلى قائمة التبضع عصير الرمان أو حب الرمان إما لصنع الشربت أيضا أو لمن يفضل أكلة الفسنجون وهذه الأكلة أيضا تسميتها غير عربية وترجمتها ( أكلة الروح ) وهي مرق الدجاج بشكل مميز يوضع معه حب الرمان ولب الجوز والراشي والبعض كان يستخدم (حب الرگي) يطحن بشكل جيد ويخلط مع المواد الأخرى.
للخير والبركة رافدٌ بهذا الشهر
وثمة مثل يقول : ( چد بدهر واكله بشهر ) ويبدو أن هذا المثل ينطبق تماما على بعض الناس من خلال تعاملهم مع شهر رمضان المبارك . فالكثير من الناس يدخر على مدار السنة من أجل أن ينفق في شهر رمضان خصوصا وان بعض أرباب الحرف أوالمهن يتوقف عمله في هذا الشهر الكريم . مثل أصحاب المقاهي والمطاعم ومهن أخرى . فالكثير من أصحاب المقاهي يغلق مقهاه ويغتنم فرصة شهر رمضان للترميم والتغيير في الديكور أو صبغ الجدران أو استبدال بعض الأغراض وهذا يشمل أصحاب المقاهي والمطاعم أيضا فالبعض من هؤلاء يغلق مقهاه أو مطعمه في الصباح ويفتتح بعد الإفطار والبعض الآخر لا يعاود الإفتتاح إلا بعد نهاية شهر رمضان . وعندما نتحدث عن الإهتمام بتوفير المواد الغذائية وتكديسها ربما يعترض البعض ولكن البعض الآخر يرى أن هذه المسالة طبيعية جدا إذ أنها تدخل ضمن الاستعدادات لهذا الشهر الكريم . صحيح إن البعض يكدس من المواد الغذائية ويتهيئ للشهر من هذه الناحية لذا يعترض البعض على هذه الحالة أو الظاهرة التي يعدها غير مقبولة إنما حين تكون عفوية تدخل ضمن الإستعدادت النفسية لشهر رمضان . ولعل البعض يقول ليس القصد هو الرغبة في الطعام أو النهم فإن الكثير من الناس لا يتناول إلا النزر اليسير من الطعام كما هو معروف ومألوف . ولكن إحضار هذه المواد لعلها تدخل ضمن الإهتمام باستقبال هذا الشهر الفضيل ودليل على تمييزه في كل شيء لذا إننا صرنانلاحظفي بعض الأزمان أن في هذا الشهر الكريم ظاهرة غير مقبولة من قبل بعض التجار أو أصحاب المحلات إذ ما أن يقدم شهر الخير والبركة شهر رمضان المبارك حتى يسعون إلى رفع أسعار المواد وبشكل غير منصف أحيانا . وربما كانت هذه الظاهرة موجودة في بعض الأماكن سابقا ولكن ليس في كل مكان وليس كما هي اليوم . إلى اللقاء مع الجزء الثالث
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- عودة في الذاكرة.. ماذا فعلنا بعد الديكتاتورية؟