د كاظم المقدادي
من البديهي .. ان المكلف بمهمة تشكيل الوزارة المنتظرة .. سينشغل حتما بتلبية رغبات احزاب المحاصصة ، مثلما شاهدناه ، وقد انشغل بترتيب خطابه الاول الى الشعب العراقي .. صياغة و مضامين ، وايماءات ، واشارات .
لكن السياسات الوطنية ياسيادة الرئيس / هي نتاج معاناة ومخاضات عسيرة ..
كما ان صانع الاجتهاد السياسي الوطني ، كثيرا ما يجد نفسه في حالة طواريء ، وفي حالة ارق ، وحالة قلق على مستقبل وطنه ، وامن شعبه ، و نجده ايضا ، و قد رسم في ذهنه ، جملة تصورات ، و افكار ، واجراءات ، تظل عادة ، محفورة في ذاكرته .
لنقل .. ان السيد المكلف مصطفى الكاظمي .. صاحب مهمة صعبة جدا .. لانه كان اصلا ، مكلفا في اعادة تاهيل و صياغة ( الذاكرة الوطنية ) .
اقول .. انه وهو يقرأ كلمته امام العراقيين ، كان شارد الذهن والذاكرة ، ولم يوفق في تقديم خطاب جامع ، مانع يتحرك على مساحة متوازنة لبناء الثقة ، وتوفير القناعات ، تمهيدا لادارة الازمات .
ربما .. ولنفترض ايضا ، وبحسن نية ، ان المكلف ، قد ادرك مبكرا وكما اعلن ان ( الافعال ، يجب ان تسبق الاقوال ، و حكومته ، ستكون حكومة افعال ، لا اقوال ) بمعنى ان لاقيمة لخطابات منمقة ، ومعسولة تكون على حساب الحقيقة .. اي انه ترك مستقبله السياسي مرهونا بافعال وليس باقوال مثل اي ( رجل مرحلة ) يسعى لنقل البلاد من حال الى حال ، ومن الحضيض الى قمم الجبال .. انه هنا يمنحنا شعور جيد .. مغادرا صورة المشهد السياسي المحشو بلغو الكلام ، وتعاسة الايام .
لكن الذي غاب عن الرئيس المكلف ، قضية القضايا .. وهي ( الثقة ) المفقودة بين الشعب والدولة ، التي تكثفت ، وتعمقت على مر السنين .. ترى كيف يمكن للرئيس المكلف اعادة بناء هذه الثقة ..؟
اشهد لك .. ياسيادة الرئيس .. و عندما كنت تعيش في كرادة مريم ، شابا من عائلة ميسورة الحال .. كنت قد انتصرت برجولة العراقي لعوائل من الاخوة الكورد الفيليين ، ممن تعرضوا الى ابشع حملة تهجير ، غير مبررة .. لكني ابحث الان .. عن قدراتك المهنية ، ومهاراتك السياسية .. للوقوف بقوة بوجه الذين جعلونا نعيش في ظل دولة عميقة ومرعبة ، وكانوا سببا ايضا ، في تهجير ملايين الكفاءات ، والطاقات التي يحتاجها العراق .
طالب الولاية .. لا يولى ، وكنت بحق .. غير آبه ولا متحمس للرئاسة ، و هذا ما سرنا به السيد رئيس الجمهورية برهم صالح ، في جلسة خاصة .. وكان يتمنى عليك ، منذ استقالة عادل عبدالمهدي قبول خطاب التكليف .. لانه وكما ذكر ، لمس منك نزاهة ووطنية ، عندما كنت تتولى مهمة رئيس تحرير مجلة ( الاسبوعية ) التي يشرف عليها الرئيس شخصيا .. لكني للاسف ، واثناء لقائي الوحيد بك ، وبينما كنت اتصفح مجلة ( الاسبوعية ) وجدتها تحوي على كل شيء .. الا الهوية الوطنية التي نعاني من غيابها جميعا .. ولا ا نسى تذكيرك ، انك قد قد تغافلت قصدا ، او سهوا ، عن نشر اي موضوع له علاقة بالارشيف اليهودي الذي سرقته سلطة الاحتلال من العراق .
اعود .. الى كلمتك ( التاريخية ) التي وجهتها للشعب العراقي .. وانت تحاول وباستمالة عاطفية غير موفقة ، ان تقنع العراقيين ، ببراعة خطواتك ، وصواب منهاجك .. ربما لان صعوبة القراءة ، و مشاكل الالقاء .. والصياغة الركيكة .. كلها اجتمعت .. لتفسد عليك مباديء الخطابة في الظروف الصعبة ، ولم تنتبه حتى الى حدقات العينين اللتان انفتحتا بشكل غريب ، وكانك تشاهد فلما مرعبا ، تتطاير منه ، بشاعة الصور ، وخطايا الماضي .
في تناولك لموضوع السيادة .. فانها لا تحتاج منك الى خط احمر .. لان انتهاك السيادة اقليميا ، و دوليا ، مرفوض جملة وتفصيلا .
لكن .. ماذا ستفعل للذين قزموا سيادة و هيبة الدولة من فصائل مسلحة ، وميلشيات ، وما فيات .. سمحت لنفسها لتكون دولة داخل الدولة .. لها جيوشها ، و سطوتها ، ونفوذها ، ومركباتها المضللة ، تستخدمها في عمليات الخطف والقتل والتنكيل .. وكان نصيب الشباب المنتفض منها كبير جدا .. واشكر هنا تعاطفك البين مع المتظاهرين الوطنيين ، والمطلوب منك وعندما تكون على رأس السلطة ، تقديم القتلة الى محاكمات عادلة ، وهذا لم تقله في خطابك ..؟
جميع رؤساء الوزراء الذين سبقوك .. تعهدوا بحصر السلاح بيد الدولة .. لكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا .. ترى ماهي الخطوات والضمانات التي تجعلنا نصدق انك تختلف عن غيرك .. وانت تجد نفسك امام دولة ( مسدسات ) .. و لم تكن يوما دولة مؤوسسات .
اما الفساد .. وما ادراك ما الفساد .. فدعني اهمس باذنك ، ان شبهات الفساد لا تحوم الان حولك .. لكن الشارع العراقي ظل يتساءل / كيف يمكن لرئيس مكلف ، حضي بتاييد الاحزاب الفاسدة.. يستطيع الصاق تهم الفساد بها ..؟
سيادة الرئيس.. على الرغم من تراكم الاحباط .. وتصاعد درجات اليأس في نفوس العراقيين جميعا .. وتحويل العراق من بلد المعجزات .. الى بلد للمعجنات .. ثق مازلنا نؤمن بفسحة الامل ، و هذا الامل سيتحقق حتما في اجراء انتخابات مبكرة ونزيهة وفي موعدها .. فهل سيتحقق ذلك ...&
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- النفط.. مخالب في نوفمبر وعيون على الرئيس القادم لأمريكا