- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة في كتاب قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن لنديم الجسر
بقلم// مجاهد منعثر منشد
هذه التحفة تتحدث عن خالق العالم بفيضه , المجرد عن صفات الموجودات ومكملها بقدرته, صاحب القوة النورانية المبدعة , من بيده تسير الكون وتحركه, صانع الجمال والنظام واضعا بعض الأسرار عند خلقه , عشقه لا يستطاع احتماله , الإحساس بوجوده معرفته وحده وحقيقته.
المترجم الكاتب نديم الجسر (1879-1980) , ولد في طرابلس (لبنان), ينتمي لأسرة مرموقة، كان أبوه عالماً مؤسساً للمدرسة الوطنية، ومحرراً في جريدة طرابلس، وأخوه كان نائباً عن المدينة. وهو رجل دين وسياسي لبناني، وعين قاضياً ثم مدعياً عاماً ثم قائما لقضاء عكار, انصرف بعدها الى التدريس في جامع طينال والتحرير وفي جريدة طرابلس والعمل الخيري ,ثم أصبح عضوا في مجلس النواب اللبناني عن المدينة عام 1957م. و انتخب مفتياً للمدينة بإجماع العلماء والجمعيات الدينية والهيئات الفاعلة . و أثرى المكتبة العربية بالعديد من الكتب والدراسات المهمة.
عنوان الكتاب طويل ومشوق وخاضع لقاعدة ( ما , من , اين) : قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن.
الكاتب ينطلق من ذاته أثناء كتابته عمله الذي يشبه العمل الروائي كمشاهد وأفكار بسردية حوارية بين طالب علوم دينية يدعى حيران بن الأضعف يتلجلج بين أفكاره الشك , فيسال الشيوخ والعوارف عن خالقه ما هو، ومتى خلق، ومم خلق، ومن الذي خلقه، وكيف خلقه، ولم يجب سُؤله سوى الشيخ أبو النور الموزون السمرقندي، الذي بدوره مرّ برحلة الشك تلك فطلب منه الشيخ الجسر بالانكباب انكباباً صحيحاً على الفلسفة لأن القراءات المشوشة والمبتورة للفلسفة شديدة الخطر على العقل والإيمان.
يطغى على الكتاب الأسلوب الرشيق وأناقة الالفاظ , ووجود الله يشكّل المشرب الرئيسي للأحداث السردية . إما الفسحة الأسلوبية تحوي الوصف والجمال اللغوي مع وجود مكونا الآدب باختفاء الأسلوب الذي يحوي الانزياح الجمالي والرمزي .
ولم تسقط الادبية عن العمل بسبب خلق الشخصيات الفلسفية التي تطرح الإشكاليات والجدليات والتساؤلات . فالشخصيات من تخدم الاتجاه الفلسفي بالحوار.
يعرفنا الجسر بهذه الحوارية جهود الفلاسفة عبر التاريخ للوصول إلى الحقيقة المطلقة ولكنه يفاجئنا بدراسة دقيقة من أقوال الفلاسفة تثبت أنهم كانوا جميعاً من أعظم المؤمنين بالله.
وكيفية الالتقاء بين مفهوم الفلسفة والآيات القرآنية عن إثبات وجود الله تعالى من خلال التحليلات العلمية لفكرة العقل الواقعي والأصل المطلق المستخدم عند الفلاسفة في حديثهم عن الايمان مما يتضح بأن الخلاف بين الأنبياء والفلاسفة مفهوم واحد لكن بطريقة تعبير مختلفة . ولا تخلو بعض أراء المترجم من الإشكاليات كوجهة نظره بتأييده نظرية الفيلسوف دارون , وزعمه بأن القرآن مؤيد لها.
النتائج
1.استخلاص نتائج عظيمة الأهمية تدعم الإيمان بالله سبحانه بالكشف عن باهر قدرته وحكمته من عظيم آثاره.
2. نتاج الكاتب منوط بارتقاء فكر الإنسان وتطهيره من أدران الأخطاء الفكرية .
الختام يجد حيران بن الأضعف الضالة المنشودة في بحثه من خلال الأدلة على وجود الله ووحدانيته على أساس من المعرفة العلمية والأدلة الكونية.
الرواية ليست رواية معاصرة , لكن يستفاد منها في كل زمان ومكان , فأقل ما يقال عن هذه التحفة تشرح الإيمان في صدور الحيارى، وتصلح بالهم، وتخرجهم من ظلمات الشك إلى نور اليقين.
أقرأ ايضاً
- قصة نجاح عراقي
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي
- قصة حقيقية تبين التعامل الواعي مع الحسين (ع)