- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
آكلو الكتف يجوبون أروقة المؤسسات ...الجزء الثاني
بقلم:حسن كاظم الفتال
ألد الخصام هو المداهن ــــــــــــــــــــــــــــــــــ حين يرينا الزمن غرائبَ لم نعهدها من قبل فليس غريبا أن نلاحظ أن أفرادا امتهنوا التملق وإن أدركوا بأنها مهنة غير مشرفة لكنهم اتخذوا من هذه المهنة سبيلا لبلوغ مراتب وهي لم تكلفهم إلا تقديم تنازلات عن شيء من الكرامة وعن ما يحسبها الآخرون مبادئ وقيماً وأن يعتمد المتملق أساليب وآليات في تملقه وتزلفه مبتدئًا أساليبه بالتظاهر بوجه غير وجهه الحقيقي مرورا بإنهيال الإطراء والمديح والثناء ومسح الأكتاف وبشكل مفرط مما هو ليس في محله ولمن لا يستحق كل ذلك . ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) ـ البقرة / 204 وكثيرا ما يبدع المتملق وببراعة بإحاطة تملقه بالنفاق والرياء والمداهنة وهذا ما يُعدُ مرضا مزمنا ساريا.ولعل المتملقين والمتزلفين والمنافقين تعنيهم شمولية ظاهر منطوق الآية الكريمة ( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا *وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) ـ إذ دأب المتملق أن يُؤالف في ذاته وفي نواياه وتصرفاته بين النفاق والكذب والخيانة والمراءاة والمكر والخداع .مما دفع العقلاء لأن يحسبوا هذا التآلف مرضا ساريا مزمنا يصيب أفرادا معينين يستعصي أحيانا إبراؤهم من المرض ومن أبرز أعراض مرضهم السعي الحثيث والدائم للإطاحة ببعض الناس وإزاحتهم عن مواقعهم ليشغلونها هم ويحظون بحيازة مراتب إضافية هم ليسوا أهلا لها . إن هؤلاء المتملقين اللاهثين وراء المنافع والمصلحة الشخصية الذين اعتادوا الإنحناء على الأقدام لتقبيلها ولثمها ولتحقيق مآرب ذاتية فلو تدبروا قليلا في القول والعمل المذمومَين لعلموا أن إشغال المواقع المهمة أو التسلق العاجل على أكتاف الآخرين لبلوغ أسمى القمم ليس بالضرورة أن يكون مقابل بيع الذمم وإماتة الضمير وانتزاع الأخلاقيات وسلوك طريق التملق والنفاق والخداع والتذلل للرؤساء للدنو منهم وكسب رضاهم ونيل ودهم .إنما يمكن أن يُنال بعزة النفس وببرهان تكامل الأهلية وبوفرة الكفاءة الذاتية وتبلور المواهب والمهارات الحقيقية . والتفوق العملي ليس بالخنوع وتقديم التنازلات عن المقومات الشخصية والإنسلاخ من مقومات الكرامة بمنتهى التفاهة والخسة فذلك لا يخلف إلا الخسران المبين إذ أن كسب رضا الناس وودهم يتسنى حصوله من خلال التعامل الإنساني مع الآخرين وإظهار الخلق الرفيع وهذا يوفر حب الآخرين واحترامهم دون تقديم التنازلات صناعة الطغاة ـــــــــــــــــــــــ إن الأمر الذي يستحق أن نشير إليه بقوة إن معظم المسؤولين من أصحاب القرار أو أصحاب المناصب على مختلف المستويات هم أول وأبرز الممهدين الأجواء المناسبة للمتملق لأن يمارس وظيفته المبتذلة هذه ومنهم من يحث على ذلك إما بشكل مباشر أو بغير ذلك . لذا فقد يُدرج هؤلاء بحقل المتجسسين على الناس والمغتابين وهي أخس وأرذل خصلة يمتع بها البعض مقتها ونهى عنها كتاب الله العزيز بقوله تعالى : (وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ( ـ الحجرات/ 12 أما الأمر الآخر الذي تجدر الإشارة إليه أن معظم الطغاة وبتغاير مستوياتهم وتباينهم هم من صناعة هؤلاء المتملقين فالمتملقون هم صنّاع الطغاة والموقعون أكبر الضرر بالكثير من الأشخاص ولعل الأمر الذي هو أكثر خطورة: أن ممارسة التملق لا تنحصر على مكاتب المسؤولين الإداريين أصحاب المناصب إنما يتعدى ذلك لتتسع المساحة فتشمل أصحاب الجاه أو الميسورين أو حتى أشخاصاً معينين لديهم حظوة معينة . وهذا ما يشكل خطورة أيضا . وحين نلاحظ أن التملق لا يصدر إلا من ضعاف النفوس وفاقدي البصيرة والقدرات والمواهب والمهارات فيحق لنا أن نعد التملق مرضا أخلاقيا حين يصيب النفس البشرية ويتحول إلى آفة تنخر في جسد المجتمع فتتآكل فيها القيم والمبادئ بل مرض خطير يستلزم مكافحته والحد من انتشاره (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليماً) إن ترك المتملقين لأن يجولوا ويصولوا وبحرية تامة لابد إنه سيؤدي إلى حرمان أصحاب المواهب والمهارات من مزاولة العمل بما ينبغي على عدم منح الفرصة لان يكتسب هؤلاء مغانم يبتغونها اغتنام وجودهم وترأس من هو ليس من حقه أن يترأس لا يحيق المكر السيء إلا بأهله
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- الخطأ الثاني لمسعود البارزاني