- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإفلاس الإعلامي بين الإستملاك والإستهلاك..الجزء الثالث
حسن كاظم الفتال
الشباب حدقات رؤية المستقبل
ليس منا من هو مناهض لفكرة إشراك الطاقات الشبابية في مختلف الميادين وفي مقدمتها ميدان الإعلام. إنما إن وجدت ثمة مناهضة فهي بسبب ما تنطوي عليه النوايا أو ما تضمر من خفايا المقاصد. وليس اعتراضنا إلا على كيفية صيغ الآليات المتبعة في الإختيارات للعناصر التي يراد إشراكها وتوظيفها في منهجية الرسالة الإعلامية ومزاولة العمل.
فالوعاء مهما اكترث الصُنّاع وتحمسوا للإعتناء بصيرورته وبكينونته وتحسين جنسه أو صنفه وتنقيته وتخليصه من الشوائب وتأطيره بنقوش معينة والإهتمام بمدى سعته فلابد أن يُعدَ إعدادا تاما ليكون متسعا وعلى أتم الجاهزية لاحتواء ما سوف يصب فيه من مادة وحين يراد استفراغه من تلك المادة واستبدالها بأخرى فيتحتم علينا أن نبادر إلى جليه وتهيئته بكامل الجاهزية ليكون قابلا لاستيعاب مادة أخرى مغايرة للمادة التي سبقتها.
ليس فينا من يود أن يَدِعَ شابا عن موقعه أو يستبعده إن وِجِد أو يحجبه عن أداءه لدور مهم أو يعرقل وصول الشباب إلى مراتب معينة أو يستثني أحدا من أداء الدور الجمعي.
رغم أن ثمة لحاظ تؤشر هنا وهناك تلمح إلى العتمة أو الضبابية التي تشوب بعضا من التصرفات أو الميولات أو التوجهات أو المتبنيات الفكرية أو الأهواء إنما يظل الشباب هم أعيننا التي نبصر بها لمستقبل أفضل وهم القلب النابض لجسد المجتمع الواعد وهم الثروة التي تعتمدها الشعوب وتزدهر بها وترتقي فليس من ممانع للرأي أو للدعوات التي تطالب أن يكونوا الأداة المساعدة أو الفاعلة لتشغيل ماكنة الإعلام بل ربما يفضل تواجدهم في بعض المواقع أو الزمكانيات في أحيان كثيرة. ولكن ثمة ثوابت وأسس وقواعد لابد أن تراعى في آلية الإنتخاب وأن يتم التعاطي معها بدقة متناهية
قبل أن يتم تخصيصهم لإشغال المواقع لابد من أن يصار إلى وضع محددات معينة وآلية لتسديدهم لتوقد المنجز الإبداعي فيهم وليؤهلهم التحديد والتسديد لولوج المعترك مع إلزامهم بمحددات المنهج الإعلامي بعيدا عن النمطيات المستهلكة والتحرك في ميدان الإعلام بحركة دائبة منتظمة منسقة مقترنة بالحرية التامة أحيانا ولكن مع ضرورة مرافقة ومتابعة ذوي الخبرة من الكبار أو الرواد والإلتزام بالتوجيهات مع مراعاة القراءة الواعية للنضوج الفكري وكذلك ملاحظة ازدهار وتوهج ملكات الموهبة والتبلور والوعي وملاحظة امتلاك القدرة على قطع شوطٍ طويل في إبراز صورة زاهية حية واعية للواقع الإعلامي
نُذُر التقهقر تهدد الحرفية
لاشك إن مهمة إدراة الماكنة الإعلامية ليست كما هي بقية الإدارات التقليدية الأخرى إنها ذات مقومات تستلزم حضورا موقعيا وميدانيا فاعلا تحركه عقلية متفتحة مستضيئة قادرة على قراءة الواقع قراءة واعية ودقيقة صائبة كذلك على كيفية حسن التعاطي مع التجليات الفكرية والعقليات المتبلورة أو التائقة للتنور والسعي لجذبها بجدية تامة من خلال ما تيسر لهذه العقول من توهجات بإضافات فكرية عقلية ثقافية نافعة ومفيدة. والخاصية التي تفرز هذه الإدارة عن سواها أنها على تماس مع حملة الفكر وأصحاب الذائقة المتبلورة والعقول المستعدة للإكتساب والتحصيل.
لذا يتوجب على هذه الإدارات أن تتمتع بحدة ملكة التمييز ليس بين الجيد والردئ فحسب بل بين ما هو جيد وما هو أجود وأفضل وتسعى لإنتقاء ما يرقى إلى أسمى مراتب الطموح بإنجاز الأجود.
وتحقيق هذا المطلب يستدعي ضرورة إبقاء أصحاب التجارب الناجحة من ذوي البصيرة الحادة وأصحاب الخبرة الوافية الكافية والتي استغرق اكتسابها زمنا طويلا وعقلية ناضجة بعد الممارسة بحكمة ورصانة وتدبر وبعد أن أغناهم العمل المتواصل دراية تامة بمجريات الأمور وغوامضها مما يتوجب إبقائهم في الميدان والإعتماد عليهم ليتولوا أمر هؤلاء الشباب
إلى اللقاء في الجزء الرابع
أقرأ ايضاً
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثالث والاخير
- الحوكمة والعين الثالثة للدولة
- منبر أم أعواد ؟ - الجزء الثالث والاخير