- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فاطمة الزهراء(عليها السلام)بضعة الرسول..1
بقلم: عبود مزهر الكرخي
ان النبي الاعظم محمد(ص) قد ولد فاطمة الزهراء من زوجته خديجة الكبرى(ع)وقد كانت النسلة الطاهرة للنبي حيث كانت امتداد الرسول (ص)وخديجة هي أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد - رضي اللَّه عنها - كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت منزلتها عالية في قريش ومن الثريات وقد تقدم الكثير من سادات قريش لخطبتها الا انها كانت لا تقبل الزواج بهم. وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة، فاختارت النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعاني إليك دون أهل مكة ما بلغني من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من غلامها ميسرة، الذي رافق النبي(صل الله عليه وآله سلم) ـ في رحلته إلى الشام ـ ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي (صل الله عليه وآله سلم) حين يشتد الحر، وعن خُلق النبي(صلى الله عليه وآله سلم)وسلوكياته في التجارة، وأخبرها بأنه كان لا يعرض شيئًا عُنْوة على أحد، وأنه كان أمينًا في معاملاته، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه على غيره. كل هذه الأخبار عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) جعلت السيدة خديجة - رضي اللَّه عنها - ترغب في الزواج من النبي - صلى الله عليه وسلم، فعرضت نفسها عليه، وبعثت إليه من يخبره برغبتها في الزواج منه، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال.
وفكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة، من أوسط قريش نسبًا، وأطهرهم قلبًا ويدًا، فلم يتردد. ومنها جاءت النسلة الطاهرة لنبينا الأكرم محمد(ص). لتحمل من الرسول الأعظم محمد(ص)فاطمة الزهراء والتي كانت بأمر من السماء ولادتها وفي كل مراحل حياتها وحمل فاطمة(ع) كان بأمر من الله سبحانه وتعالى حيث قد وردت في كل مصادر الشيعة والسنة أن رسول الله(ص) "وطأ الجنة ليلة المعراج، فناوله جبرئيل (عليه السلام) فاكهةً من شجرة طوبى، فلمّا عاد إلى الأرض اِنعقدت نطفة فاطمة من تلك الفاكهة ؛ ولذلك جاء في الحديث أنّ رسول اللّه ) صلّى الله عليه وآله) قال : { إنّ فاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى الجنة جعلت أقبّلها}(1).
وبذلك فإن هذه المولودة المباركة التي تمثّل عصارة ثمار الجنة، ولحم ودم رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله)، وتلك الأُم الحنون السيدة خديجة الكبرى( عليها السلام) " ، وبذلك تضع حد لغمز ولمز المشركين في إن الرسول(ص) أبتر لا عقب له وكما قال ذلك المشرك العاص بن وائل لتكون له هذه المولودة المباركة والتي شرفها الله بأن أعطاها سورة الكوثر لتكون هي المنهل الصافي لذرية نبينا الأكرم محمد(ص) لتنجب الأئمة الميامين من عترة النبي(سلام الله عليهم أجمعين).
أن فاطمة نطفتها كانت من الجنة أي من السماء وأن انعقاد نطفتها كان من السماء وبأمر آلهي بدليل إن جبرائيل(ع) ناوله فاكهة ليأكلها هو لم يفعل ذلك اعتباطاً بل أكيد هو مأمور من الله سبحانه وهو الوحي الأمين الذي يبلغ رسالات ربه إلى النبي محمد(ص) وباقي الأنبياء ومن يقول غير ذلك فهذا يعني أن الوحي الأمين جبرائيل يفعل عبث(حاش لله) وهذا أمر تتفق علي كل المذاهب الإسلامية في أنه الروح الأمين وهو مصداق لقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه حيث يقول {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}(2).
ومن هنا فأن خلق فاطمة وولادتها كان أمر رباني ونزولها إلى الأرض كان سر آلهي عظيم كما أنها تفردت عن كل العالمين بهذه الميزة من خلقها وفي انعقاد نطفتها وهذا بحد ذاته سر آلهي من أسرار رب السماوات والأرض وآية من آياته العظيمة والمخزونة سرها عند الله جل وعلا.
والأمر المهم الآخر هي أنها كانت تكلم والدتها وهي في بطن أمها وهذا يعتبر كرامة من كرامات الله سبحانه وتعالى يهبها الله لعباده الصالحين وأنبياؤه ونتوقف عند هذا الحدث العظيم فمن المعلوم أن نبي الله عيسى(ع) قد كلم أمه وهو جنين في بطن أمه وهذا ما ذكره القرآن العظيم في محكم كتابه إذ يقول { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا *فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا }(3).
ومن هنا نستنتج أن الحوراء الإنسية سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(ع) هي قد أعطت بهذا الحدث وهو تكليمها لأمها السيدة خديجة(ع) لكي تؤنسها منزلة الأنبياء والمرسلين لأن هذا الحدث هو مشابه لحدث نبي الله عيسى(ع) ليضاف هذا الحدث إلى الأسرار المستودعة عند فاطمة الزهراء والتي سنكمل ذلك تباعاً.
ولنكمل الحجة في أن فاطمة هي حورية من الجنة نورد هذا الحديث الشريف وهو عن عبدالرحمن بن عوف قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:{ أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنة }(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ أخرجه كل من: ـ الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ج5/78 مطبعة دار السعادة. أخطب خواغرزم في (مقتل الحسين) ص63 مطبعة الغري. الذهبي في (ميزان الاعتدال) ج1/38 مطبعة القاهرة. الهيثمي في (مجمع الزوائد)ج6/202 طبعة مكتبة القدس بمصر.؛ وعليه فليس هناك من منافاة في ولادة سيدة النساء في السنة الخامسة من البعثة النبوية المباركة
2 ـ [الشعراء: 192، 193].
3 ـ [مريم: 23، 24، 25، 26].
4 ـ مستدرك الحاكم 3: 160. ومقتل الحسين عليه السلام | الخوارزمي: 61. ولمن يريد الاستزادة الرجوع الى كتاب (سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام). سلسلة المعارف الإسلامي(25)، الكفيل.علي موسى الكعبي تحظى إصدارات المركز بالمتابعة والتقويم والإشراف العلمي.مركز الرسالة الكفيل.
أقرأ ايضاً
- فاطمة الزهراء والسر الإلهي / الجزء الثاني
- السيدة فاطمة عليها السلام رائدة العفة والشرف
- فاطمة الزهراء والسر الإلهي / الجزء الأول