بقلم: هادي جلو مرعي
تشكل الدول أجهزة رقابية رسمية، وأخرى تعنى بالإقتصاد والتربية والعلوم والأمن، كجهاز مكافحة الإرهاب، وجهاز الإستخبارات، وأجهزة الأمن الوطني. وهناك جهاز مكافحة الأمية والفساد وإستغلال النفوذ.
في العراق كل شيء يمكن ان يتحول الى جهاز، أو الى حدث مهم وصادم وشاغل لعقول الناس، وكل شيء يمكن أن يكون مثيرا للدهشة والإنبهار، وهناك أشياء يمكن أن تكون شاغلا للرأي العام، وتستدعي البحث والتمحيص لأنها قد تعطل الحياة، وتخالف المنطق.
آخر الإبتكارات الغريبة في العراق لاتعتني بالبحوث الطبية، ولا بالهندسة ولا بالخوارزميات والدراسات العلمية وابحاث الفضاء، بل هي جزء من ظاهرة غريبة تزامنت مع رفض السائد والتقليدي والثورة عليه ورفضه ومحاولة تحييده والإحتجاج ضده، لكن مايثير الحيرة ظهور بعض الأشكال الصادمة من السلوكيات والمواقف والإجراءات التي يتخذها البعض ويعدها إحتجاجا كتعطيل الدوام الرسمي، ومنع الطلاب من التوجه الى مدارسهم، ومحاولات تعطيل عمل دوائر الكهرباء والخدمات العامة.
آخر هذه الإبتكارات إطلاق تسمية صادمة هي (جهاز مكافحة الدوام) وكأن الدوام هو خراب للمجتمع، وخاصة عندما يركز على المدارس الإبتدائية والثانوية!
ويمكن ان يكون التعطيل والإضراب لساعات ممكنا، لكن أن يتحول الى سلوك يومي فهو أمر غريب لأنك حين تحتج على سلوك فئة سياسية وفسادها. فمن غير المعقول أن تتصرف بطريقة لم تجرؤ قوى الفساد على القيام بها وهي منع الدوام في المؤسسات التي تتصل بحياة الناس بشكل مباشر وكامل.
وفي أول معركة في التاريخ وهي بدر الكبرى، وحين إنتصر المسلمون فإن نبيهم العظيم لم يطلب فدية من أسرى المشركين لإطلاق سراحهم، ولم يساوم عليهم، ولم يقتلهم برغم كفرهم. لكنه إشترط على كل واحد منهم تعليم عشرة من اطفال المدينة المنورة مقابل إطلاق سراحهم.
الأوطان تبنى بالحكمة والصلاح، لا بالفساد، ولا بالسرقات، ولا بالأفعال والسلوكيات الغريبة التي تقتل فكرة الإصلاح، وتقطع السبيل إليه، نحن بحاجة ماسة الى الإرادة الواعية، والعمل على التغيير بجدية وصدق دون نوايا مبيتة، وغايات تؤذي الوطن.
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- "مكافحة الشذوذ" صدر فهل سيطبّق
- الموظف بين تغيير أوقات الدوام واستيراد ٢١٢٢ تاهو